“جي بي يو-28” هي قنبلة أمريكية مصممة لاختراق التحصينات.
“جي بي يو-28″، المعروفة أيضًا بـ”القنبلة الخارقة للتحصينات” أو “مدمرة الملاجئ”، تُعتبر واحدة من أكثر الأسلحة تدميرًا في الترسانة العسكرية الأمريكية. تم تصميمها بناءً على مبادئ فيزيائية دقيقة تضمن تحقيق أقصى قدر من الضرر للأهداف المحصنة، وتُوجه باستخدام تقنية الليزر.
تُعتبر هذه القنبلة جو-أرض، حيث تمتلك القدرة على اختراق أكثر من 30 مترًا تحت الأرض أو 6 أمتار من الخرسانة. تم تصنيعها في الولايات المتحدة الأمريكية لاستخدامها ضد المنشآت العراقية المدفونة بعمق، والتي كانت محصنة من مراكز القيادة والسيطرة.
تتميز القنبلة بجسمها الطويل والضيّق، وقدرتها على اختراق عدة طوابق في المباني أو الملاجئ، ثم تنفجر عند الهدف المحدد.
تاريخ تصنيع قنبلة “جي بي يو 28”
في فبراير/شباط 1991، خلال حرب الخليج الثانية، اتخذت القوات المسلحة الأميركية قرارًا ببدء تصميم قنبلة “جي بي يو 28” بسبب القلق من قدرة القنبلة “بي إل يو-109” على استهداف الأهداف المدفونة بعمق في العراق.
كانت الغاية من تطوير هذه القنبلة تدمير المعاقل العسكرية العراقية والمرافق تحت الأرض والمواقع المحصنة التي لا تستطيع الذخائر التقليدية تدميرها.
لتسريع إدخالها إلى الخدمة، تم استخدام رؤوس حربية من نوع “بي إل يو-113/بي” في أنابيب مدافع “هاوتزر” عيار 203 ملم التابعة للجيش الأميركي، والتي كانت قد أُخرجت من الخدمة.
في أقل من أسبوعين، تمكنت الولايات المتحدة من اجتياز مراحل التصميم والاختبار والاستخدام، وأسقطت أول قنبلة على هدفها في 13 فبراير/شباط 1991، مما يجعل هذه الفترة أقصر دورة تطوير وإنتاج لأي سلاح في التاريخ العسكري.
قدرات الاختراق
تتمثل القوة الرئيسية للقنابل الخارقة للتحصينات في قدرتها على اختراق طبقات التربة والصخور والخرسانة المسلحة.
تُصنع هياكل هذه القنابل من مواد ذات قوة عالية، مما يمكنها من تحمل الصدمات الكبيرة قبل أن تنفجر في عمق الهدف.
كما أنها تتميز بتكنولوجيا متقدمة موجهة بالليزر، مما يضمن دقة الاستهداف.
تتضمن صمامات تفجير متأخرة، مما يسمح للقنبلة بالانفجار بعد اختراق الهدف، لضمان تحقيق أقصى قدر من الأضرار.
مواصفات وميزات قنبلة جي بي يو 28
تزن قنبلة جي بي يو 28 حوالي ألفي كيلوغرام، وتتمتع بمدى يصل إلى أكثر من 5.75 ميل. يزن رأسها الحربي حوالي 1996 كيلوغرامًا، منها 286 كيلوغرامًا من المواد المتفجرة.
تم تصنيع هيكلها الخارجي من أسطوانات مدافع فائضة، مما يمنحها قدرة عالية على اختراق الخرسانة والأرض قبل الانفجار.
تتميز القنبلة بتصميمها الطويل والنحيف وهيكلها المقوى المصنوع من مواد متنوعة، مثل الفولاذ والتنغستن واليورانيوم. تسهم هذه المواد في تركيز الطاقة الحركية في مساحة صغيرة، مما يعزز من قدرتها على اختراق الخرسانة والصخور العميقة، ويزيد من مستوى الضرر الذي تحدثه.
تتميز هذه القنابل بمقدمة مدببة وشفرات ذيل كبيرة، مما يمنحها القدرة على تصحيح أي انحراف عن المسار المستهدف، ويضمن استقرارها وتوجيهها بدقة نحو الهدف.
تحتوي هذه القنابل على ميزة رئيسية تتمثل في فتيل يعمل بتأخير زمني، حيث يتم برمجتها لتنفجر بعد اختراق الهدف بعمق، بدلاً من الانفجار عند التلامس. هذا التصميم يعزز فعالية التفجير داخل الهياكل المحصنة، ويمنع تشتت الطاقة على السطح، مما يركز الانفجار والشظايا الناتجة داخل الهدف، مما يؤدي إلى أضرار جسيمة للهياكل والأفراد.
آلية العمل
تعتمد القنابل الخارقة للتحصينات بشكل عام، وقنبلة “جي بي يو-28” بشكل خاص، على مبادئ الفيزياء التي تتطلب طاقة حركية كبيرة لتحقيق اختراقات فعالة. فكلما زادت سرعة القنبلة وكتلتها، زادت طاقتها الحركية، مما يمكنها من اختراق الأرض والهياكل الخرسانية قبل أن تنفجر.
تُزود بعض أنواع هذه القنابل بمعززات صاروخية تُفعَّل أثناء الهبوط، مما يزيد من سرعتها ويعزز طاقتها الحركية إلى أقصى حد. ووفقًا لمبادئ الفيزياء، فإن تركيز القوة في مساحة صغيرة يؤدي إلى زيادة الضغط على نقطة التأثير، مما يسهل اختراق عدة طبقات من المواد الصلبة.
عند اصطدام القنبلة بالهدف، يحدث انفجار قوي من الرأس الحربي، مما ينتج عنه موجة صدمة وضغط شديدين في المساحة المحصورة. كما تتفكك القنبلة إلى شظايا معدنية سريعة الحركة، مما يؤدي إلى تدمير الهياكل الداخلية وإحداث أضرار إضافية. حتى في حال عدم تدمير الهدف بالكامل، فإن الشظايا وموجة الضغط الزائد تتسببان في أضرار جسيمة.
محطات استخدمت فيها
في 13 فبراير 1991، قامت طائرتان أميركيتان من طراز “إف-117” بإلقاء قنابل خارقة للتحصينات على الملجأ رقم 25 في حي العامرية ببغداد، مما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال.
كما استخدمت القوات الجوية الأميركية هذه الطائرات خلال حملة القصف التي قادها حلف شمال الأطلسي ضد صربيا في عام 1999، بالإضافة إلى استخدامها في المراحل الأولى من التدخلات العسكرية في أفغانستان والعراق في عامي 2002 و2003. ومنذ ذلك الحين، بدأت الولايات المتحدة في تصدير نماذج من هذه الأسلحة إلى كل من إسرائيل وكوريا الجنوبية.
في عام 2006، قامت إسرائيل بقصف مواقع حزب الله خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان.
ثم في عام 2014، استهدفت إسرائيل أحياء مكتظة بالسكان في قطاع غزة، مما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من المواطنين، بالإضافة إلى تدمير العديد من المباني السكنية. كما استخدمت هذه القنابل في الحروب اللاحقة بهدف تدمير الأنفاق العسكرية لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.
وفي 28 سبتمبر/أيلول 2024، شنت الطائرات الإسرائيلية غارات على حي في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث اغتالت الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وعددًا من قادة الحزب وآخرين من الحرس الثوري الإيراني.