سوشيال ميديا

ورقة علمية تكشف عن إصدار تجريبي نادر من النقود الأموية على معدن الرصاص

كشفت ورقة علمية جديدة عن اكتشاف جديد في تاريخ النقود الإسلامية المبكرة، يُعد فتحاً علمياً في مجال المسكوكات الأموية، حيث أظهرت دراسة حديثة توثق لأول مرة وجود مسكوكة أموية مصنوعة من الرصاص، من فئة «الخليفة الواقف»، تُعد إصداراً تجريبياً يعود لعهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.

وقال المحامي والباحث في مسكوكات ما قبل الإصلاح يزن خلف التل لـ«الشرق الأوسط» إن «المسكوكة المكتشفة لا تحمل تاريخاً، إلا أنها ضُربت على القالب نفسه المستخدم في إصدار دينار الخليفة الواقف غير المؤرخ»، مشيراً إلى أن هذا الاكتشاف يمثل أول دليل مادي موثق على ما يُعرف بالإصدار التجريبي (Trial Strike) على معدن الرصاص لفئة الخليفة الواقف.

ويأتي هذا الاكتشاف ضمن تسلسل علمي مدعوم بسلسلة من الدراسات السابقة التي نشرها الباحث في عامي 2023 و2024، والتي وثقت عدة قطع نحاسية مرتبطة بقالب دينار الخليفة الواقف. ويدعم الاكتشاف الجديد فرضيات سابقة طرحها الباحث، من بينها أن بعض القطع النحاسية المذكورة قد تكون أصدرت بوصفها دنانير نحاسية تجريبية أو فلوساً تم إصدارها على قالب الدينار نفسه بعد توقف استخدامه.

وأوضح التل أن أهمية المسكوكة الرصاصية المكتشفة تكمن في عدة نقاط، أبرزها إثبات مرحلة انتقالية مهمة في الإصلاح النقدي الأموي، حيث تؤكد المسكوكة أن قالب «الخليفة الواقف غير المؤرخ» كان قيد التجربة على معدن الرصاص قبل اعتماده في إصدار الدينار، ما يعزز من فرضية وجود هذه الحقبة التي قدرها الباحث بين عامي 71 و73هـ، أي قبل اعتماد دينار الخليفة الواقف المؤرخ عام 74 هـجرياً، والذي استمر إصداره حتى عام 77 هجرياً.

كما لفت الباحث إلى أن المسكوكة الرصاصية دليل على تنوع أماكن ضرب النقود باستخدام القالب نفسه، إذ يشير التل إلى أن الإصدار التجريبي على الرصاص قد كان مقدمة لإصدار دنانير مماثلة عليها أماكن ضرب مختلفة مثل دمشق، قنسرين، فلسطين، حمص، وغيرها. متسائلًا عما إذا كانت بعض هذه الإصدارات قد وصلت إلى اليوم هذا كما هو حال دينار الخليفة الواقف المضروب في دمشق.

وفي ختام دراسته، دعا الباحث يزن التل المختصين والمهتمين بتاريخ النقود الإسلامية إلى مزيد من التعمق في دراسة «حقبة دينار الخليفة الواقف غير المؤرخ»، مؤكداً أنها تمثل مرحلة مركزية في فهم تطور المسكوكات الأموية الإسلامية في الفترة التي سبقت الإصلاح النقدي الأموي.

وكان الباحث يزن التل قد نشر في مايو (أيار) من عام 2023 بحثاً علمياً حول المسكوكات الأموية، أشار فيه إلى أنه في عصر صدر الإسلام وبدايات الدولة الأموية ظلت النقود المستعملة في التعاملات هي النقود البيزنطية والساسانية، حيث تتمثل النقود البيزنطية بصفة عامة في الدينار وهو المصنوع من الذهب، وفي عملة الفلس وهي المصنوعة من النحاس، في الوقت الذي تتمثل النقود الساسانية في الدرهم الذي سُكّ من الفضة.

وأضاف أنه حينما بدأ الخليفة عبد الملك بن مروان في رحلة الإصلاح الشامل للمسكوكات الإسلامية ليكون أول خليفة يعطي أولوية قصوى للمسكوكات وإصلاحها، وبحسب المسكوكات التي أصدرها الخلفية الأموي عبد الملك بن مروان منذ توليه الخلافة سنة 65 هجرية (684 ميلادية)، فإنه بدأ توحيد شكل المسكوكات وأوزانها والانتقال من لامركزية الإصدار إلى المركزية، ومن ثم التعريب الشامل.

وقال: «الهدف الأخير الذي وصل إليه مع نهاية عام 77هـجرياً – 696 ميلادياً – لتمر رحلة الإصلاح النقدي بمراحل عدة كانت فيها إصدارات مختلفة للمسكوكات من فئات (العربي – البيزنطي) و (العربي – الساساني) والخليفة الواقف انتهاءً بفئة المسكوكات العربية الصِّرف مع نهاية السنة المذكورة».

 

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons
Translate »