سوشيال ميديا

مخاوف من «اثنين أسود» للأسواق الأميركية وتكرار سيناريو الكساد الكبير

أبدى عدد كبير من الخبراء والمحللين مخاوف من أن تشهد أسواق المال يوم الاثنين «حمام دم»، وانهيارات كما حدث في «الاثنين الأسود» عام 1987، خصوصاً بعد موجات البيع الضخمة التي استمرت يومي الخميس والجمعة، وكانت بمثابة خميس وجمعة أسودين، وجعلت المحللين يتخوفون مما يحمله الأسبوع الجديد من خسائر زائدة، وإشارات حقيقية عن مدى سوء الأوضاع.

وحذرت شبكة «سي إن بي سي» من تفاقم التضخم، وتوقف النمو الاقتصادي، وتكرار سيناريو عام 1987، ما لم يقم الرئيس ترمب بخطوات لتخفيف الضرر الزائد في أسواق المال العالمية.

وقد شهدت «وول ستريت» انخفاضات لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 4.8 في المائة يوم الخميس، وهو أكبر انخفاض في يوم واحد منذ جائحة «كوفيد – 19». وانخفض بشكل أكبر يوم الجمعة بنحو 6 في المائة ليصل إجمالي الخسائر إلى 6.6 تريليون دولار خلال يومين. كما شهد مؤشر «ناسداك» لشركات التكنولوجيا انخفاضاً بنسبة 6 في المائة بنهاية تداولات يوم الجمعة. وخرجت تصريحات متضاربة من مسؤولي البيت الأبيض حول ما إذا كانت الرسوم الجمركية دائمة أو أنها مجرد تكتيكات يمارسها ترمب للحصول على تنازلات حيث قال إن هذه الرسوم تمنح إدارته قوة كبيرة للتفاوض.

التاريخ يعيد نفسه

وجددت هذه الانخفاضات والاضطرابات في سوق الأسهم الأميركية، المخاوف من تكرار الاثنين الأسود الذي حدث في 19 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1987، حينما انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بنسبة 22 في المائة، مسجلاً أكبر انخفاض في يوم واحد في تاريخ سوق الأسهم الأميركية. واستمرت الانخفاضات بقية الشهر، وبحلول أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) فقدت معظم مؤشرات سوق الأوراق المالية أكثر من 20 في المائة من قيمتها، وأدى ذلك إلى خسائر بقيمة 1.71 تريليون دولار. وقد تأثرت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم، حيث شهدت الأسواق الأوروبية والآسيوية انخفاضات حادة في ذلك الوقت.

وأعادت اضطرابات سوق المال إلى الذاكرة ما حدث في عام 1929 حينما فقدت سوق الأسهم أكثر من 20 في المائة من قيمتها في يومين، وفقدان 50 في المائة في غضون ثلاثة أسابيع. في ذلك الوقت، انهارت «وول ستريت»، مما أدى إلى الكساد الكبير في ثلاثينات القرن العشرين، وما حدث بعد انهيار بنك «ليمان براذرز» عام 2008، والذعر الذي ساد أسواق الأسهم بعد جائحة «كوفيد – 19» عام 2020.

وتخوّف المحللون من أن يعيد التاريخ نفسه، مشيرين إلى أن الركود لا مفر منه بعد رسوم ترمب الجمركية.

ولهذه المخاوف ما يبررها. فقد فرض الرئيس ترمب تعريفة جمركية 10 في المائة على جميع الواردات من 180 دولة، وفرض تعريفة جمركية أكثر صرامة على ستة من أكبر الشركاء التجاريين (الاتحاد الأوروبي 20 في المائة – المكسيك 25 في المائة – الصين 54 في المائة – كندا 25 في المائة – اليابان 24 في المائة – فيتنام 46 في المائة)، وسيدخل ذلك حيز التنفيذ يوم الأربعاء في التاسع من أبريل (نيسان). وهو ما يمثل فعلياً أكبر زيادة ضريبية في الولايات المتحدة منذ عام 1968، وفقاً لبنك «جي بي مورغان».

ويتخوف المحللون من الإجراءات الانتقامية التي قررتها الصين بفرض ضريبة 34 في المائة على الواردات الأميركية، وتوقعات بإجراءات انتقامية مماثلة من كندا والاتحاد الأوروبي، وأن تحذو دول أخرى حذوها في الأسابيع المقبلة، بما يعني أن سوق الأسهم قد تنخفض بشكل أكبر إذا تصاعدت الحرب التجارية.

وتشير التقارير إلى أن دول الاتحاد الأوروبي تخطط لتشكيل جبهة موحدة ضد رسوم ترمب الجمركية، وأن تتخذ مجموعة من التدابير المضادة ضد واردات أميركية تصل قيمتها إلى 28 مليار دولار. وهي خطوة تعني انضمام الاتحاد الأوروبي إلى الصين وكندا في فرض رسوم جمركية انتقامية على الولايات المتحدة، في تصعيد يمكن أن يتحول إلى حرب تجارية عالمية بما يجعل السلع أكثر تكلفة للمستهلكين، ويدفع الاقتصادات في جميع أنحاء العالم إلى الركود

وكانت صدمة «وول ستريت» من قوة وصرامة الرسوم الجمركية التي حددها ترمب كبيرة وواضحة. وأشار عدد من المحللين إلى أنها «غير منطقية وعبثية»، وتدفع الولايات المتحدة إلى الركود، وتسبب ركوداً تضخمياً. وتندر المحللون من شعار MAWA (اجعلوا أميركا ثرية مرة أخرى) الذي رفعه ترمب، وأشاروا إلى أنه تحول إلى MAGDA أي «اجعلوا أميركا تعاني من الكساد العظيم مرة أخرى».

من النمو القوي إلى الركود

وخلال الأسبوع الماضي، تحولت التوقعات من النمو القوي للاقتصاد الأميركي، وتسارع نمو معدلات التوظيف، وانخفاض معدل البطالة، وارتفاع الأجور إلى خطر الركود. وأصبح انخفاض الأسهم، وعمليات البيع الموازية في السندات غير المرغوب فيها، وتكلفة التعريفات الجمركية، واحتمال ضعف الصادرات بسبب التعريفات الانتقامية، كلها عوامل تؤثر على التوقعات بالدخول إلى مرحلة كساد.

وقال بروس كاسمان الخبير الاقتصادي في بنك «جي بي مورغان» إن الركود هو النتيجة الأكثر احتمالاً بمجرد دخول الرسوم الجمركية المتبادلة حيز التنفيذ، متوقعاً أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 0.3 في المائة خلال العام الحالي، منخفضاً عن توقعات البنك السابقة في يناير (كانون الثاني) الماضي حين توقع نمو الناتج المحلي بنسبة 2 في المائة. وفي مذكرة بعنوان: «ستكون هناك دماء» رفع كاسمان احتمالات حدوث ركود عالمي من 40 في المائة إلى 60 في المائة.

وقال بريستون كالدويل المحلل في شركة «مورنينغ ستار» إن احتمالات حدوث ركود اقتصادي تتراوح بين 40 في المائة و50 في المائة، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى انخفاض في النمو الاقتصادي الأميركي، وتدهور مستويات المعيشة للأميركيين.

تكتيكات التفاوض

ويراهن تيار متفائل من المحللين على أن يقوم ترمب بمفاوضات مع الشركاء التجاريين بما يمنع مزيداً من الانهيار في سوق الأسهم. وقال مايك ويلسون كبير استراتيجيي الأسهم الأميركية في «مورغان ستانلي»: «إذا رأينا أن الدول تأتي إلى طاولة المفاوضات في الأمد القريب، ويتم خفض معدلات الرسوم الجمركية، فمن المرجح أن يساعد ذلك في تخفيف بعض الضغوط. وإذا استمرت المفاوضات، وتم اتخاذ تدابير إضافية، فمن المرجح أن يرتفع خطر الركود».

وقال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي إن سياساته لا تتغير أبداً، مما يشير إلى أن المفاوضات غير واردة. لكن يوم الجمعة، زعم ترمب أن فيتنام عرضت إلغاء رسومها الجمركية مقابل التوصل إلى اتفاق. وفسرت الأسواق ذلك على أنه استعداد للتفاوض، مما أدى إلى ارتفاع أسهم شركة «نايكي» التي تستورد منتجاتها من فيتنام.

ويقول خبراء الاقتصاد إن هذا التنافر يزيد من حالة عدم اليقين، ويجعل الشركات مترددة في اتخاذ قرارات استثمارية كبرى، مما يؤدي إلى مزيد من استنزاف الطلب الكلي.

 

 

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons
Translate »