موضه

الفراء يعود لعروض الأزياء بعد فراق.. لكنه صناعي وقريباً “نباتي”

على منصات عروض الأزياء وكذلك في الشارع، بات الفراء حاضراً في كل مكان، سواءً من خلال لمسات جزئية، أو على شكل قطع كاملة، لكنه غالباً ما يكون صناعياً، وهو منحىً يرجّح أن يدوم.

وفيما كانت عروض أسبوع الموضة تتوالى في باريس، كانت نانسي (28 عاماً) تصعد إلى قطار الأنفاق وهي ترتدي معطفاً طويلاً من الفرو باللونين الرمادي والأبيض، يشبه جلد الذئب.

وقالت لوكالة الأنباء الفرنسية “إنه فراء صناعي”، موضحةً أنها اشترته العام الفائت من متجر للسلع المستعملة في برلين.

وليست هذه الشابة حالة معزولة على الإطلاق، إذ أن “الفراء الصناعي موجود في كل مكان منذ أشهر”، على ما لاحظ الصحافي المتخصص في الموضة ماتيو بوبار ديليير في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية.

ففي الواقع، “منذ الشتاء الماضي، بدأت كل العلامات التجارية الفاخرة وصولاً إلى ماركات مثل زارا، بطرح موديلات قائمة على الفراء الصناعي، على نحو لم يسبق له مثيل”، وفق كريستوفر سارفاتي، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة “إيكوبيل” الفرنسية لإنتاج الفراء الصناعي، التي توفّر منتجاتها لنحو 300 ماركة في مختلف أنحاء العالم.

وليس أدلّ على ذلك من ارتفاع مبيعات الشركة بين عامي 2023 و2024 بنسبة تزيد عن 15 بالمئة في السوق الأوروبية وتناهز 28 بالمئة في آسيا.

وبفضل شيوع صيحَة “موب وايف” mob wife (أي “زوجة رجل المافيا”) وإطلالة “ليدي لايك” ladylike الأنيقة والراقية المستوحاة من جاكلين كينيدي، بات الفراء الصناعي اليوم يبدو مطابقاً للطبيعي، وبعيداً كل البعد عن القطع الملونة جداً والباستيل التي كانت شائعة قبل بضع سنوات.

وبدا هذا المنحى جليّاً في التشكيلة التي عرضتها دار “كلويه” للأزياء خلال أسبوع الموضة في باريس. لكن الدار الفرنسية التي لم تعد تستخدم الفراء منذ عام 2018، أوضحت أن مديرتها الفنية شيمينا كامالي استخدمت “الشيرلينغ”، أي جلد الغنم الصناعي، على شكل وشاح مثلاً، أو على أكمام سترة، أو على طية صدر معطف طويل، أو على شكل ذيل ثعلب على حقيبة.

ولم تكن “كلويه” الوحيدة في النأي بنفسها عن الفراء فمنذ سنوات، توقفت دور أزياء عدة للمنتجات الفاخرة، من بينها شركات عملاقة كمجموعة “كيرينغ” (“سانت لوران” و”غوتشي”) و”شانيل” و”دولتشه إيه غابانا” و”بربري”، عن إنتاج الملابس القائمة على الفراء.

وهذه المبادرة اتخذتها المصممة ستيلا مكارتني منذ بدايتها، هي المعروفة بالتزامها الدفاع عن قضية الحيوانات، ولكن أيضاً اعتمدها الجيل الجديد من المصممين.

“أكثر عصرية”

وقال مصمما دار “فاكيرا” Vaquera برين توبنسي وباتريك دي كابريو اللذان عرضا هذا الأسبوع تشكيلة من الفرو الصناعي لوكالة الأنباء الفرنسية، إن “الفراء الصناعي أكثر روعة وجمالاً. ونحن لسنا مع ممارسة الوحشية على الحيوانات”.

ولاحظ ماتيو بوبار ديليير أن “العلامات التجارية التي لا تزال تستخدم الفراء الحقيقي على منصات العرض يمكن عدها على أصابع اليد الواحدة”.

وأشارت شركة “إيكوبيل” التي تتابع السوق من كثب إلى أن 89 بالمئة من منتجات الفراء التي عُرضت خلال أسبوع الموضة في ميلانو كانت صناعية، في حين بلغت النسبة 62 بالمئة في نيويورك و100 بالمئة في لندن. ففي الواقع، حظرت العاصمة الإنجليزية استخدام الفراء في عروض الأزياء منذ سنوات.

وهو إجراء ينبغي أن يُحتذى به في باريس أيضاً، بحسب جمعيتي الرفق بالحيوان “بيتا” و”مؤسسة بريجيت باردو”، اللتين تظاهرتا في اليوم الأول من أسبوع الموضة ضد “عودة الفراء”.

فمنحى الفراء الصناعي يترافق مع عودة الفراء الطبيعي. وأقرّ متجر الفراء “سام رون” في باريس بأن مبيعاته زادت منذ العام الماضي.

وتحظى ملابس الفراء المستعملة أيضاً بشعبية كبيرة، وخاصة في صفوف جيل ما بعد الألفية الذي يهوى الأشياء القديمة، حتى أن بعض المنتميات إلى “الجيل زي” يبحثن في خزائن جداتهنّ. ووصف ماتيو بوبار ديليير الفراء بأنه “يشكّل تراثاً حقيقياً”، ناهيك بأن الفراء الصناعي شديد التلويث، بحسب الصحافي السابق في مجلة “إيل” النسائية.

وأكدت “إيكوبيل” أنها وجدت الحل من خلال إطلاق فراء صناعي مصنوع بالكامل من النباتات. وشدّد كريستوفر سارفاتي على أن “الماركات لن تكون قادرة بعد اليوم على القول: نحن لا ننتج فراء صناعياً لأنه مصنوع من البوليستر أي النفط”.

وهذه المادة “الثورية” ستصبح قريباً في كل مكان. وزادت الطلبيات للشتاء المقبل بنسبة 20 بالمئة عما كانت عليه العام الماضي. وقال سارفاتي: “إننا نشهد اتجاهاً يترسخ”.

باريس : أ. ف. ب.

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons
Translate »