هل يستطيع الاقتصاد العالمي التكيف مع سياسات ترامب؟
يواجه العالم موجة قلق واسعة بسبب السياسات التجارية والاقتصادية التي يتوقع أن ينتهجها الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب خلال فترة ولايته التي بدأت قبل أيام، لكن الكثير من الخبراء الاقتصاديين يقللون من هذه المخاوف ويرون بأن الاقتصاد العالمي قادر على التأقلم والتكيف مع هذه المتغيرات ولا يرجحون أن تؤدي الى أزمات اقتصادية.
ويقول الخبير الاقتصادي البريطاني آلان باتي في مقال نشرته جريدة “فايننشال تايمز” إن “تجربة ولاية ترامب الأولى تشير إلى أن هذه المخاوف خطيرة ولكنها ليست بالضرورة كارثية”.
وبحسب المقال الذي اطلعت عليه “العربية Business”، فان الرسوم الجمركية واسعة النطاق التي يعتزم ترامب فرضها على عدد كبير من الواردات الأميركية تشكل خطراً واضحاً وحاضراً، وقد يكون للضرائب على السلع -من الصين على وجه الخصوص- آثار جانبية عالمية.
ويلفت المقال الى أنه “في ظل ضعف الطلب المحلي الصيني، فقد تؤدي الحرب التجارية إلى لجوء الصين لتحويل صادراتها الى جميع أنحاء الاقتصاد العالمي لتغمر اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة وذلك بدلاً من أن تذهب الى الولايات المتحدة في حال فرض واشنطن تعريفات جمركية عليها.
ويقول باتي إن صناع السياسات الأوروبيين مرعوبون من الواردات الصينية وخاصة المركبات الكهربائية، لكنه يستدرك بالقول “إن تجربة ولاية ترامب الأولى يجب أن تكون مطمئنة إلى حد ما عندما يتعلق الأمر بتحويل البضائع الصينية من السوق الأميركية.
ويقدر الخبيران الاقتصاديان سيمون إيفينيت وفيرناندو مارتين من مشروع (Global Trade Alert) أن الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات من الصين أسفرت عن تحويل صافٍ بقيمة 2.8 مليار دولار فقط من البضائع إلى الاتحاد الأوروبي بين عامي 2018 و2019، وهو شيء صغير نسبياً مقارنة بالزيادة الإجمالية البالغة 46 مليار دولار في صادرات السلع الصينية إلى الاتحاد الأوروبي بين عامي 2017 و2019.
ووجد إيفينيت ومارتن أنه بدلاً من تحويل المبيعات إلى أماكن أخرى، غالباً ما وجد المصدرون المتضررون من الرسوم الجمركية أنفسهم مجبرين على “التقليص التجاري”، وهو ما يجعلهم أقل كفاءة وبالتالي غير قادرين على المنافسة في الأسواق الأخرى.
ويذهب إيفينيت ومارتن الى القول إن “التقليص ليس بالأمر الجيد، فهو يقلل من الكفاءة واختيار المستهلك، لكنه يقلل أيضاً من فرصة الصراع السياسي الكبير حول التجارة”.
وبحسب المقال المنشور في “فايننشال تايمز” فانه لا شك أن هناك مخاوف جوهرية بشأن إغراق السلع الصينية لبلدان أخرى متوسطة الدخل، وقد أقامت الحكومات سلسلة من جدران مكافحة
الإغراق ضد السلع الأساسية مثل الصلب. ولكن هناك تردد كبير، بين الحكومات الآسيوية على وجه الخصوص، في ممارسة الحماية على نطاق واسع، حيث أصبحت دول مثل ماليزيا ماهرة للغاية في وضع نفسها في سلاسل التوريد العالمية وإدارة العلاقات مع كل من الولايات المتحدة والصين.
وقال لي تنكو زافرول عزيز، وزير التجارة الماليزي: “مثل الأسواق الناشئة الأخرى، فرضنا بعض رسوم مكافحة الإغراق على الواردات من الصين، ولكن بشكل عام فقط على المدخلات الصناعية مثل الصلب والبوليمرات. حتى لو كان هناك نزاع تجاري كبير بين الولايات المتحدة والصين، فإننا لا نتوقع اللجوء إلى حماية واسعة النطاق”.
يشار الى أنه خلال فترة ولاية ترامب الأولى، انخفضت التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين بشكل حاد، لكن التجارة العالمية الإجمالية أفلتت حتى من صدمة “كوفيد-19″، حيث غالباً ما وجدت السلع الصينية طريقها إلى الولايات المتحدة عبر ما يسميه صندوق النقد الدولي دول “الربط” مثل فيتنام. ويريد ترامب الحد من مثل هذا التحايل، لكن سلاسل التوريد العالمية يمكنها غالباً الابتكار بشكل أسرع مما يستطيع صناع السياسات التحرك.
العربية نت