وادي رم أو وادي القمر -كما يُطلق عليه الكثيرون- واحدة من عجائب الأردن الطبيعية العديدة، حيث يمكنك إمساك القمر براحة يديك، أو قطف النجوم الدانية فوق ناظريك. وهو أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو نظرا لجماله الطبيعي المذهل وأهميته الثقافية.
وتقع هذه المنطقة جنوب الأردن، وتبعد عن العاصمة عمّان حوالي 300 كيلومتر إلى الجنوب، و70 كيلومترا شمال ميناء العقبة.
وهذا الوادي لوحة فنية فائقة الجمال رسمها الخالق من ألوان عديدة ومتدرجة من الأبيض وحتى الأسود مرورا بالأصفر والأحمر والزمردي، ولا يوجد سائح يزور الأردن إلا ويجعل من وادي رم وجهةً، يقضي بين تلاله وهضابه وجباله وسحره ليلة من ليالي العمر التي يرويها للأولاد والأحفاد.
محفور في الشاهقات
تقع محمية رم في الجزء الجنوبي من الأردن، وهو وادٍ صحراوي محفور في جبال من الحجر الرملي والغرانيت، ويتميز بمناظر طبيعية متنوعة وخلابة من الوديان الضيقة، والمنحدرات الشاهقة، والأقواس الطبيعية، والمنحوتات الصخرية التي تشكلت عبر ملايين السنين، إضافة إلى البقايا الأثرية التي تركها البشر خلفهم.
ويدهش السائح حين يجد نفسه وسط هذه المناظر الطبيعية التي لا مثيل لها على وجه الأرض، فيعتقد أنه في مكان ما خارج الكون، أو مسافر إلى الفضاء وهبط فجأة على سطح كوكب غريب عجيب.
ولكن الواقع أن هذا ليس عطارد ولا المريخ بل وادي رم، أو الوادي الذي يسكنه القمر وتحلق في سماه النجوم الدانيات، وهو المكان نفسه الذي يقصده المخرجون السينمائيون عندما يريدون أن يصوّروا ما يوحون به للمشاهد أنه سطح كوكب المريخ.
وما يزيد من سحر المكان وجود أكثر من 40 ألف رسم ونقش على الصخور يرجع تاريخها إلى نحو 12 ألف سنة قبل الميلاد. وتنتشر هذه الرسوم والنقوش على نطاق واسع في وادي رم مما يجعلها واحدة من مجموعات الفن الصخري الأغنى في العالم.
وتعتبر هذه النقوش بعض محاولات الإنسان المبكرة للتعبير عن نفسه من خلال أشكال ملموسة. أما الكتابات نفسها فهي منقوشة وكأنها تؤرخ للحضارات والشعوب التي جعلت من وادي رم موطنا لها، مثل ثمود والأنباط العرب.
وهذه الرسوم والنقوش الصخرية تمثل صور حيوانات وبشر محفورة على الصخور والأحجار وواجهات المنحدرات، وهناك العديد من الخطوط المحفورة بالخط العربي الشمالي، والثمودي والنبطي، والتي تعد دليلا أن وادي رم وادٍ عربي منذ الأزل، كما تعد دليلا على ظهور مبكر للأبجديات، وانتشار القراءة على نطاق واسع في المجتمعات الرعوية بالمنطقة.
مكان تصوير أفلام عالمية
أصبح هذا وادي رم بمناظره الطبيعية الفاتنة أحد المواقع المفضلة للتصوير لدى صناع الأفلام والمنتجين العالميين. وقد انتبهت هوليود مبكرا لأهميته وطبيعته الفريدة فجعلت منه مكانا لتصوير بعض أشهر أفلامها ولعل من أهمها “لورنس العرب” الذي تم تصويره عام 1962، و”المريخي” عام 2015، فضلا عن “إنديانا جونز والحملة الصليبية الأخيرة” (عام 1989)، “علاء الدين” (عام 2019)، “الكثيب” (عام 2021).
ولأن منطقة وادي رم محمية طبيعية فلا يسمح بإقامة الفنادق المبنية عليه، وبدلا من ذلك هناك العديد من المخيمات والفنادق المكونة من الخيام البدوية بما ينسجم مع الطبيعة المحيطة ولا يؤذيها.
ويستطيع السائح أن يجد العديد من هذه المخيمات في بحث سريع عبر الإنترنت أو من خلال المكاتب السياحية العديدة الموجودة عبر الشبكة وفي المنطقة، حيث يستطيع الزائر الحصول على خيمة بسعر يبدأ من 10 دولارات في الليلة وقد يصل في بعضها إلى 150 دولارا، وذلك وفقا للوقت الذي يختاره ونوعية الخدمات المقدمة.
وينصح لمن يزور المنطقة لأول مرة بزيارة ضمن مجموعة سياحية، تنظمه مكاتب سياحية معروفة فهي أرخص بكثير من الحجز الفردي.
الأنشطة بوادي رم
هناك العديد من الأنشطة المتنوعة التي تناسب الأذواق والفئات العمرية ونوعية الزائرين سواء كانوا أفرادا أو مجموعات أو عائلات، ومن هذه الأنشطة جولات الجيب الصحراوية لاكتشاف الكثبان الرملية والتشكيلات الصخرية، مع التوقف عند معالم مشهورة بالوادي مثل جسر برة الصخري ووادي الخزعلي وقصر المشتى ونقوش الصخور.
وبوسعك ركوب الجمال أو الخيل لعيش تجربة الحياة البدوية، وهناك مسارات طبيعية لعشاق المشي لمسافات طويلة أو تسلق الجبال، وفي الليل تظهر أمامك سماء صافية بعيدة عن التلوث الضوئي لتتيح لك مشاهدة النجوم والكواكب.
وخلال إقامتك في وادي رم، سيكون طعامك من الصنف المحلي البدوي مثل المنسف والمقلوبة والخبز البدوي والمأكولات المشوية، والقهوة العربية رمز الضيافة البدوية.
ولا تنتهي قائمة الأنشطة عند هذا الحد، فثمة ورش لتعليم كيفية صنع الخيمة البدوية والطبخ التقليدي والجلوس حول النار، فضلا عن المشاركة في ألعاب رملية مثل التزحلق على الرمال.
وأفضل وقت للزيارة هو أشهر الربيع والخريف حيث يكون الطقس معتدلا، فلا هو شديد الحرارة أو البرودة، وخلال الصيف ينصح بزيارة المكان في الصباح الباكر أو المساء لتفادي أشعة الشمس المتوهجة، وفي أشهر الشتاء يمكنك الاستمتاع بالأجواء الباردة والسماء الصافية.
تكاليف رحلة وادي رم
تختلف هذه التكاليف تبعا لعدة عوامل مثل الموسم ونوع الإقامة وطبيعة الأنشطة التي يختارها الزائر، فالتنقل إلى الوادي يتطلب 4 إلى 5 ساعات سفر من العاصمة عمان على متن سيارة تأجير أو وسيلة نقل عامة مثل سيارة الأجرة أو الحافلات السياحية، وسيكلفك ذلك بين 30 و70 دولارا للشخص الواحد.
وفيما يأتي بنود الصرف خلال الرحلة:
- التنقل داخل الوادي: التنقل بالجيب يحتاج ميزانية تتراوح بين 40 و85 دولارا للجولة الواحدة التي قد تستغرق ساعتين إلى 4 ساعات، وأما تجربة ركوب الجمال فتتراوح كلفتها بين 20 و55 دولارا حسب مدة الجولة.
- الإقامة: أكثر خيار يقبل عليه زوار وادي رم هو الخيام البدوية والتي تبلغ كلفتها لليلة الواحدة ما بين 35 و70 دولارا للفرد شاملة للغذاء والعشاء، في حين تكون التكلفة أكبر بالخيام الفاخرة (ما بين 100 و210 دولارات).
وثمة خيار ثالث وهو الفنادق والمنتجعات القريبة من الوادي، وتبلغ أسعارها ما بين 55 و140 دولارا لليلة في فندق متوسط، وهي موجودة بمدينة العقبة القريبة أو في مدخل الوادي. - الأكل: فهو عادة ما يكون مشمولا في تكلفة الإقامة بالمخيمات، إلا إذا رغبت في وجبة إضافية تقدر قيمتها ما بين 7 و20 دولارا.
- الأنشطة المتنوعة: تتراوح بين التزلج على الرمال وركوب الخيل، وتتراوح كلفتها بين 20 و50 دولارا للشخص. وأما ركوب المناطيد فسعره يتفاوت بين 300 و900 دولار للفرد، والجولات الفلكية لمراقبة السماء فتقدر بـ15 إلى 30 دولارا للفرد.
-
ولتحقيق بعض التوفير في المصاريف ينصح بما يلي:
- الحجز المسبق: وذلك للحصول على أفضل الأسعار، خاصة موسم الذروة.
- الباقات الشاملة: ابحث عن الباقات التي تشمل الإقامة والأنشطة والوجبات، حيث يمكن أن توفر لك المال، خصوصا إذا كنت مع عائلتك.
- التفاوض: بشأن الأسعار مع مقدمي الخدمات المحلية، خاصة إذا كنت تسافر في مجموعة.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية
