“النسر الواقع” نجم عرفته العرب قديما ما زال يحير العلماء
استخدم فريق من علماء الفلك بجامعة أريزونا في توسان تلسكوبي هابل وجيمس ويب لإلقاء نظرة متعمقة غير مسبوقة على قرص الحطام الذي يبلغ قطره حوالي 150 مليار كيلومتر والذي يحيط بنجم النسر الواقع.
وأقراص الحطام هي بقايا من السحابة السديمية التي تكون منها أي نجم، وقد نشأت الشمس في سياق شبيه قبل نحو 4.5 مليارات سنة، وفي قرصها نشأت الكواكب.
قرص أملس!
بينت أرصاد العلماء عدم وجود دليل واضح على وجود كواكب تشق طريقها عبر القرص، لكن الملاحظة الأكثر إثارة لانتباه العلماء كانت أن النجم يمتلك قرصا غامضا لا يشبه الأقراص المحيطة بالنجوم الأخرى، فقرص النسر الواقع أملس تماما “بشكل مثير للسخرية”، بحسب بيان وكالة ناسا.
وقد ظهر للعلماء أن توزيع الغبار في قرص الحطام المحيط بالنسر الواقع متعدد الطبقات، لأن شدة ضوء النجم تدفع الحبيبات الأصغر حجمًا بشكل أسرع من الحبيبات الأكبر حجمًا.
ولذلك، تظهر في القرص المحيط بالنسر الواقع فجوة دقيقة، على مسافة حوالي 60 وحدة فلكية من النجم (ضعف المسافة بين نبتون والشمس).
ويعتقد العلماء أن عمر النسر الواقع الحالي يبلغ 450 مليون عام (شمسنا أكبر سنًّا من فيجا بنحو 10 أضعاف)، وذلك يعني أنه لا يزال نجما يافعا. لكن رغم ذلك وحتى في هذه السن المبكرة كان من المفترض للقرص المحيط به أن يمتلك درجات من التقلب، لكن هذا لم يحدث، لسبب يجهله العلماء إلى الآن.
وللمقارنة، يدرس العلماء نجما قريبا يحمل كذلك اسما عربيا هو “فم الحوت”، وهو بالعمر نفسه وفي درجة الحرارة ذاتها تقريبًا مثل النسر الواقع، لكن بنية القرص المحيطة بالنجم مختلفة تمامًا، إذ يمتلك أحزمة متباينة من الحطام وكواكب تدور حوله.
نسور العرب
يعد النسر الواقع خامس ألمع النجوم في سماء الليل، ولا يتفوق عليه سوى الشعرى اليمانية، وسهيل والسماك الرامح وألفا قنطورس، ويعزى بريقه جزئيا إلى قربه منا، حيث يقع على بعد 25 سنة ضوئية فقط.
ولكن هناك عاملا آخر يسهم أيضا في سطوع النسر الواقع، وهو أن النجم ببساطة يشع قدرًا كبيرًا من الطاقة. فرغم أنه يبلغ ضعف الشمس تقريبا من حيث الكتلة ونصف القطر، فإنه يسطع بضيائية تعادل نحو 40 شمسًا، ولو قدر أن يكون نجمنا الرئيسي لكان الصباح أشد إشراقا بالقدر نفسه!
وفي التراث العربي، كان كل من النسر الواقع ونجم آخر يسمى “النسر الطائر” مرتبطا بالنجوم المجاورة لكل منهما. فإلى جانب النسر الواقع، يوجد نجمان قريبان من بعضهما (إبسيلون وزيتا)، فيبدوان وبينهما النسر الواقع كنسر يضم جناحيه، ولا يضم النسر جناحية إلا في حالة السقوط للانقضاض على الفريسة على الأرض.
أما النسر الطائر فيقف إلى جوار نجمين (غاما وبيتا) يقفان على امتداد خط مستقيم معه، فيبدوان وبينهما النسر الطائر كأنه نسر يفرد جناحيه محلّقا في الأعالي.
وكما فعلت كل الشعوب، قام العرب قديما بالربط بين بيئتهم ونجوم السماء، لذا تجد كثيرا من النسور والنوق والنعام والضباع والأغنام مثلا بين النجوم، إلى جانب العديد من الحكايات المثيرة للانتباه.