أسبوع في كينيا.. من أفضل تجارب السفاري في العالم
أول ما يتبادر إلى أذهاننا عند ذكر كلمة أفريقيا أو خط الاستواء هي درجة الحرارة المميتة التي لا تحتمل، ولكن مهلا، دعونا نغير الصورة النمطية الخاطئة عن أفريقيا، بل ندعوكم لجعلها في مقدمة خطط سفركم المستقبلية، وبالأخص كينيا.
تقع كينيا على خط الاستواء، ولكن من العجيب أن شتاءها صيف وصيفها شتاء، والأعجب من هذا كله أن أعلى متوسط درجة حرارة في صيفها هي 29 درجة مئوية، بل يكاد صيفها يكون أبرد من بعض دول شمال أفريقيا وبلاد الشام.
لماذا كينيا بالتحديد؟
بحسب الكثير من الهيئات والمواقع العالمية تتمتع كينيا بأفضل تجربة سفاري في العالم، فبها محميات وبراري وأدغال طبيعية ليس لها مثيل من حيث التنوع الحيواني نوعا وعددا، يمكنكم فيها رؤية ما تشاهدونه في أفلام عالم الحيوان على أرض الواقع.
لذا دعونا نأخذكم في جولة سريعة لأبرز ما يمكنكم الاستمتاع به في كينيا خلال رحلة لمدة أسبوع.
كينيا ليست وجهة اعتيادية يمكنكم السفر إليها دون ترتيب مسبق أو بمجرد حجز الطائرة والفندق، بل تحتاج كينيا إلى ترتيب مسبق يوما بيوم من قبل السفر وحين السفر، إلى أدق التفاصيل هناك مثل المأكل والمشرب والتنقلات والصحة ومعايير السلامة وغيرها، وستجد هذه التفاصيل في تقرير معلوماتي نشر في الجزيرة نت قبل أيام.
اليوم الأول (نيروبي)
بعد تخطيطكم الجيد للسفر إلى كينيا، من المتوقع أن تكون سيارة السفاري ذات الدفع الرباعي بانتظاركم في مطار نيروبي لإقلالكم إلى فندق إقامتكم في نيروبي العاصمة.
مع العلم أن نيروبي هي من أهم العواصم في قارة أفريقيا ويوجد بها مطار دولي كبير، وتتميز بشوارع نظيفة وأبراج وفنادق ومجمعات للتسوق جيدة مقارنة بدول أفريقيا، إلا أن الإثارة والمتعة لك كسائح لا تكمن هنا، فغالبا أنت لم تدفع الكثير من المال وتكبدت عناء السفر للتسوق في أحد الأسواق الكينية، فإن كل ما هو شائق ومثير يبدأ من ضواحي العاصمة وخارجها.
وفي ضواحي العاصمة، تبدأ رحلتك الأولى إلى محمية الزرافات (Giraffe Manor) التي تقع على بُعد حوالي 20 كيلومترًا فقط من وسط نيروبي، تم تأسيس المحمية عام 1983 من أجل حماية الزرافات من الانقراض، ثم فتحت للزوار وطلبة المدارس بهدف التثقف والمتعة، والممتع في الأمر هو إطعام الزرافات بأنفسكم والتعامل معها وتصويرها من المسافة صفر.
ولهواة الزرافات ومحبيها خبر رائع، فيوجد بالمحمية فندق للزرافات هو الوحيد في العالم، يتجه له بعض السياح خصيصا وبحجز مسبق، يتيح للسائح تجربة غير مسبوقة من نوعها، حيث يقيم السائح في نفس الفندق الذي تعيش حوله الزرافات، وبمجرد فتح أحد نوافذ الغرف، تُدخِل الزرافات رأسها لتداعبك أو لتتناول معك فطورك، وعند الخروج إلى فناء الفندق ستجدون أنفسكم تسيرون مع الزرافات ذات الأعناق الطويلة.
اليومان الثاني والثالث (بحيرة نيفاشا)
بالاتجاه شمالاً لمدة ساعتين تقريبا ستصلون إلى بحيرة (نيفاشا Naivasha) ذات المياه العذبة، وهناك ستودون الإقامة ليلتين في منتجع قريب من البحيرة المليئة بحيوان فرس النهر، ومن خلال الفندق أو من خلال الشركة السياحية التي تتعاملون معها يمكنكم الإقبال على مغامرة ليست لضعيفي القلب، وهي ركوب قارب صغير والتجول به بين أفراس النهر في البحيرة.
اليوم الرابع (وادي الصدع الأعظم وبوابة الجحيم)
وباتجاه الوجهة الرئيسية لهذه الرحلة وهي “محمية الماساي مارا” لابد من المرور في الطريق على أعظم وادٍ في أفريقيا “وادي الصدع الأعظم”، وهو صدع في القشرة الأرضية ممتد من الموزمبيق جنوبا مرورا بكينيا حتى لبنان شمالاً، ستتملككم الرهبة حين مشاهدته من أعلى القمم الجبلية أثناء الطريق.
وفي الطريق من بحيرة نيفاشا ستمرون على “بوابة الجحيم” أو ما يعرف بمغارة “سيمبا”، إنه المكان الحقيقي الذي استوحيت من أحداث الفيلم الكرتوني الشهير “الأسد الملك سيمبا” (The Lion King).
وستشعر هناك بأحاسيس مختلفة من رهبة المكان وبديع صنع الخالق، ممتزجا ذلك الشعور بالانغماس اللاواعي في تذكر أحداث وشخصيات “عالم سيمبا”، حيث الممرات الضيقة التي ركضت فيها خلفه الضباع، والصخرة العالية التي توّج عليها ملكا، والأرض الشاسعة أرض المملكة، و”تيمون” و”بومبه” كلهم سترونهم على أرض الواقع، ومع نهاية اليوم ستصلون إلى محمية “الماساي مارا” للمبيت هناك.
اليوم الخامس (أفضل السفاري)
هنا يبدأ السفاري الحقيقي والتجربة التي يسافر الكل من أجلها، ألا وهي التنزه وسط الأدغال الأفريقية بين الحيوانات المفترسة وغير المفترسة الكبيرة والصغيرة دون حواجز، يمكنكم اعتبارها حديقة حيوان شاسعة المساحة على مد البصر دون أسوار تحدها، ودون تحكم بشري بنظامها البيئي، وهنا تكمن المغامرة.
ثمة نوعان من الإقامة في هذه المحميات الطبيعية، الأول وهو الفنادق المعروفة، والنوع الثاني هو الخيام، علما أن كلا النوعين يقعان داخل الغابة أو المحمية.
لا داعي للخوف، فكلا الخيارين آمنان تمامًا، ومريحان للإقامة ويتمتعان بكل سبل الراحة مثل المكيفات والحمامات النظيفة وخدمة الغرف وجميع وجبات الطعام، فقد صممت أماكن الإقامة تلك لتناسب السياح الأجانب من كافة أنحاء العالم، كما أن الكثير من الفنادق العالمية ذات الخمس نجوم توجد هناك، إما على شكل فندق أو منتجع أو مخيم.
ومع صباح اليوم الخامس وقبل شروق الشمس ستأخذكم سيارة السفاري المختصة في جولة صباحية، تستمر لمدة 3 ساعات تقريبا وسط الأراضي الخضراء الشاسعة بحثا عن “الخمسة الكبار” (The Big Five)، وهم الأسد والفهد والفيل ووحيد القرن والجاموس الأفريقي.
وبمجرد اقتراب الأسد من سيارتك والعبور من أمامها دون حواجز سيرتفع الأدرينالين والدوبامين معا، وستحصل على الشعور الذي سافرت من أجله.
ومع الاستمرار في التجول في الغابة ستشاهد قطعانا مهولة من الحمر الوحشة والغزلان والظباء، وأكثر من 95 نوعًا من الحيوانات و400 نوع من الطيور.
اليوم السادس (نهر مارا والهجرة العظمى)
ستستمر جولات السفاري يوميا صباحا ومساءً طيلة فترة إقامتك في المحمية، ولكن للمزيد من الإثارة يمكنك ركوب منطاد والطيران فوق المحمية في تجربة تعد الأميز في هذه الرحلة، وسترى خلالها نهر مارا العظيم من الأعلى.
أما إذا كنت محظوظا فستتابع هجرة الحيوانات العظمى (The Great Migration) ابتداءً من شهر يوليو/تموز حتى أكتوبر/تشرين الأول، والتي تهاجر فيها الحيوانات العاشبة غير المفترسة من تنزانيا إلى كينيا بحثا عن الكلأ والماء.
وفي هذه الهجرة تقطع ملايين الحمر الوحشة والجواميس نهر مارا في مشهد مهيب يعد من عجائب الدنيا، لتنقض عليهم التماسيح فتأكل البعض وينجو البعض فتستمر سلسلة التوازن البيئي.
اليوم السابع (قرية الماساي)
يعد شعب الماساي من الشعوب الأصلية في كينيا والذي يتسم بتمسك بمعظم تقاليده وثقافته، إذ كان رجال الماساي يصارعون الأسود بأيديهم العارية، وتحلق نساؤهم شعورهن، وكل هذه العادات الغريبة نتيجة عن عيش هذا الشعب في الغابات لآلاف السنين.
وسيكون من المفيد جدا أن تتعرف على هذه التجربة الإنسانية الفريدة من خلال قرية قبيلة الماساي، والتي تعد الرمز الشعبي الأشهر في كينيا، وتوجد داخل محمية “ماساي مارا” الوطنية في مقاطعة ناروك القريبة من الحدود مع تنزانيا.