إرسال مسبار إلى الفضاء لتقييم جهود “الدفاع الكوكبي” لحماية الأرض.
أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية مسبار “هيرا” في مهمة فريدة تهدف إلى زيارة الكويكب “ديمورفوس”، الذي تم إجراء تجربة لإزاحته عن مساره خلال مهمة “دارت” التابعة لوكالة ناسا في عام 2022. كانت تلك المهمة تهدف إلى دراسة طرق حماية الأرض من الكويكبات الخطيرة.
انطلق مسبار “هيرا” صباح يوم الاثنين 8 أكتوبر/تشرين الأول، على متن صاروخ “فالكون 9” من شركة “سبيس إكس” من قاعدة كيب كانافيرال الفضائية. ستستمر هذه المهمة لمدة عامين، وتهدف إلى تقييم فعالية مهمة “دارت” في إزاحة الكويكب عن مساره كجزء من استراتيجيات الدفاع الكوكبي.
مهمة استثنائية
يعتبر الكويكب “ديمورفوس” جزءًا من نظام ثنائي مع كويكب آخر يُعرف باسم “ديدموس”، ويبعدان عن كوكب الأرض حوالي 11 مليون كيلومتر. تسعى وكالة الفضاء الأوروبية إلى إجراء دراسة شاملة لـ”ديمورفوس” من خلال مسبار “هيرا”، الذي يعتمد على نظام ملاحة ذاتي يعتمد على التتبع البصري، مما يمكّنه من التنقل بشكل مستقل. بالإضافة إلى ذلك، سيهبط قمران اصطناعيان صغيران على سطح الكويكب لجمع بيانات إضافية هامة.
تتولى إدارة مهمة “هيرا” مركز عمليات الفضاء الأوروبي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية في ألمانيا، حيث سيلعب قمر اصطناعي دور الوسيط في التواصل بين “هيرا” والقمرين الاصطناعيين الصغيرين لتبادل البيانات بشكل مستمر.
أعرب إيان كارنلي، المسؤول عن مهمة “هيرا”، عن فخره بنجاح عملية الإطلاق، حيث قال: “أخيرًا، انطلقت هيرا نحو ديمورفوس، ونحن نكتب فصلًا جديدًا في تاريخ الفضاء”. كما أشاد بالجهود الكبيرة التي بذلها فريق العمل المكون من وكالة الفضاء الأوروبية وشركائها.
تتميز مركبة “هيرا” بتصميمها المكعب وجناحيها الشمسيين، حيث يبلغ طول كل منهما 5 أمتار. ويشارك في تطوير هذه المركبة أكثر من 100 مؤسسة أوروبية، في إطار الجهود الدولية لتعزيز أبحاث الدفاع الكوكبي. وعند وصول “هيرا” إلى نظام “ديديموس” بعد عامين، ستقوم بإجراء دراسة شاملة ومفصلة حول الأحداث التي تلت اصطدام مهمة “دارت”.
خط الدفاع البشري الأول ضد النيازك
تتعاون وكالة الفضاء الأوروبية مع ناسا والعديد من الوكالات الفضائية الأخرى لمراقبة السماء بشكل مستمر لرصد النيازك والكويكبات التي قد تشكل تهديدًا محتملاً للأرض، والمعروفة باسم “الأجسام القريبة من الأرض”. وتأتي معظم هذه الأجرام من حزام الكويكبات الذي يقع بين كوكبي المريخ والمشتري، حيث توجد مجموعة ضخمة من الأجرام السماوية التي يتراوح قطرها بين 1 و1000 كيلومتر.
على الرغم من أن العديد من الكويكبات الصغيرة تحترق في الغلاف الجوي، إلا أن هناك بعض الكويكبات الكبيرة التي يتجاوز قطرها 140 متراً، والتي تشكل تهديداً كبيراً لأنها قد تدمر مدناً كاملة في حال اصطدامها بالأرض. حتى الآن، استطاع العلماء رصد حوالي 40% من هذه الأجرام الكبيرة، بينما يُعتقد أن هناك نحو 14 ألف كويكب لا يزال مختبئاً في الفضاء.
في إطار جهود مبتكرة لحماية الأرض، أطلقت وكالة ناسا مهمة “دارت”، التي تهدف إلى استخدام الطاقة الحركية لإزاحة الكويكبات. وقد حقق مسبار “دارت” نجاحاً في سبتمبر 2022 عندما اصطدم بكويكب “ديمورفوس”، مما أدى إلى إزاحته عن مساره في تجربة تُعتبر الأولى من نوعها.
أظهرت الملاحظات الأرضية اللاحقة أن الاصطدام أدى إلى تقليص فترة مدار “ديمورفوس” بمقدار 33 دقيقة، وهو ما يعادل حوالي 5% من مدته الأصلية. كما تسبب الاصطدام في إطلاق سحابة ضخمة من الحطام امتدت لآلاف الكيلومترات في الفضاء. سيساهم مسبار “هيرا” في جمع هذه البيانات التفصيلية، بما في ذلك دراسة الحفرة الناتجة عن الاصطدام وما إذا كان الكويكب قد شهد تغييرات كبيرة في شكله.