ملحمة الجيش والشعب: إنجازات أبناء سيناء في نصر أكتوبر العظيم.
لم تقتصر بطولات حرب أكتوبر المجيدة على جنود القوات المسلحة المصرية الشجعان فحسب، بل قدم أبناء سيناء أيضًا تضحيات وبطولات عظيمة، حيث وقفوا بجانب قواتهم المسلحة في ملحمة وطنية رائعة. لم يكن بإمكان الجيش المصري اختراق خطوط العدو المحصنة دون دعم أهالي سيناء، كما أن أبناء أرض الفيروز لم يكن ليحققوا استقلالهم لولا نجاح القوات المسلحة في معركة العبور وتحرير الأرض.
قدّم العديد من الشهداء والأبطال من أهالي سيناء ملاحم وطنية عظيمة، حيث رفضوا التطبيع مع العدو منذ هزيمة عام 1967. ورغم جميع محاولات العدو وإغراءاته، وحتى بطشه، لم تنل هذه الضغوط من عزيمة أبناء سيناء الذين استمروا في تقديم أرواحهم من أجل تحرير أرضهم ودعم جيشهم الباسل في استعادة سيناء الغالية.
لا تكفي صفحات الكتب والصحف للحديث عن الآلاف من الأبطال من أهالي سيناء الذين سطروا أسماءهم بحروف من نور في تاريخ الوطنية المصرية. وفي السطور التالية، سنستعرض بعضًا من هؤلاء الأبطال والمجاهدين العظام، لكن من المؤكد أن القائمة لن تشمل جميعهم، فسيناء لا تزال تقدم أبطالًا وشهداءً عظامًا.
الشيخ سالم الهرش
هو أحد مشايخ القبائل الكبيرة في سيناء، ويعتبر بطلاً من أبطال الملحمة الوطنية في أرض الفيروز. وفقًا لمعلومات أسرته، وُلِد عام 1910. بعد احتلال سيناء، لعب دورًا مهمًا بصفته القبلية في حماية الضباط على جبهة الحرب بعد النكسة وتأمين عودتهم.
من أبرز مواقف الشيخ خلال مؤتمر الحسنة الذي نظمته إسرائيل أثناء احتلالها لسيناء، كان جمع مشايخ القبائل للإعلان عن أن سيناء ليست مصيرهم. بفضل تدخلات مدروسة وتنظيم محكم مع القيادة المصرية، تمكن الشيخ من إحباط المؤامرة من خلال اتفاق مع مشايخ سيناء، حيث تصدر المشهد وتحدث باسمهم أمام وسائل الإعلام العالمية قائلاً: “سيناء مصرية وستظل بنت مصرية 100%، ولا يملك الحديث فيها إلا السيد الزعيم جمال عبدالناصر”. فشل المؤتمر، وتمكن الشيخ من الهرب بمساعدة خطة معدة مسبقًا إلى الأردن. وقد قدم له الرئيس جمال عبد الناصر مجموعة من الهدايا تشمل “طبنجة وعباءة وسيارة جيب”، لكن الشيخ سالم تبرع بكل شيء للقوات المسلحة باستثناء العباءة التي اعتبرها رمزًا وتذكارًا من “ناصر”. وبعد نصر 1973، عاد الشيخ سالم إلى سيناء.
الشيخ سمحان
يُعتبر من أبرز مشايخ جنوب سيناء، حيث يتمتع بخبرة واسعة ومعرفة عميقة بجغرافيا سيناء، بما في ذلك جبالها ووديانها. كما يُعرف بتعاونه الكبير مع الحكومة المصرية. كان الشيخ سمحان حاضرًا في سيناء خلال اجتياحها من قبل القوات الإسرائيلية، حيث قدم الدعم للقوات المسلحة المصرية وساهم في إرسال رسائل إلى القبائل الجنوبية عبر إذاعة صوت العرب، مُشجعًا إياهم على الصمود وتحقيق النصر.
الشيخ متعب هجرس
هو شيخ قبيلة البياضين، وقد كان من أوائل الذين انضموا إلى منظمة سيناء العربية. كما كان أول من فتح أبواب منزله لاستقبال الجنود المصريين الذين انسحبوا من سيناء في عام 1967، وأيضًا أول من قام بتوصيلهم إلى البر الغربي برفقة رجاله. في عام 1968، تم القبض عليه مع مجموعة من رجاله على يد القوات الإسرائيلية، وتم سجنه في إسرائيل. ويُعتبر الشيخ متعب هجرس أول شهيد يُدفن في سيناء بعد استعادة جزء منها في عام 1977.
الشيخ عيد أبوجرير
أصدر الشيخ تعليماته لأتباعه بجمع الأسلحة التي تركها الجيش المصري عقب انسحابه في يونيو 1967، حيث قاموا بإخفائها في مواقع سرية. وبعد ذلك، أعاد الشيخ تلك الأسلحة إلى القوات المصرية بعد الانسحاب. كما قام بترشيح عدد من شباب سيناء لتدريبهم في مجالات المخابرات، وقد حققوا نجاحات ملحوظة في المهام الصعبة التي كُلفوا بها داخل إسرائيل.
شلاش خالد العرابي
يُعتبر من أبرز مندوبي المخابرات الحربية وأكثرهم نشاطًا، وهو أحد الشخصيات البارزة في منظمة سيناء العربية التي أحرجت المخابرات الإسرائيلية بكافة أجهزتها وأفقدتها توازنها في أواخر الستينيات. ولهذا السبب، أُطلق عليه لقب “هدهد بئر العبد”. وقد رصد جهاز الأمن الإسرائيلي المعروف باسم “الشين بيت” مكافآت تصل إلى آلاف الدولارات لمن يقدم معلومات عنه أو يساعد في القبض عليه، سواء حيًا أو ميتًا. وقد وصفه المدعي العام العسكري الإسرائيلي بأنه واحد من أخطر عناصر شبكات التجسس.
حسن علي خلف
المعروف بلقب النمر الأسمر، هو أحد أبطال نصر أكتوبر. ينحدر من منطقة الجورة الواقعة جنوب الشيخ زويد. انضم إلى أفراد منظمة سيناء العربية التي أنشأتها المخابرات الحربية. بعد إتمام تدريبه، شارك في أول مهمة له في سيناء خلف الخطوط، حيث قام بتصوير المواقع الإسرائيلية في شمال سيناء، بما في ذلك مناطق رمانة وبئر العبد والعريش. ومن أبرز عملياته كانت استهداف قيادة القوات الإسرائيلية في العريش، داخل مبنى محافظة سيناء القديمة.