9 نقاط حول استهلاك التمر لمرضى السكري
تُعتبر التمور مصدراً غنياً بالكربوهيدرات، كما تحتوي على كميات وفيرة من الألياف الصحية، بالإضافة إلى مجموعة من الفيتامينات والمعادن. ومع ذلك، بسبب ارتفاع مستوى السكر في التمور، يتكرر السؤال سنوياً مع بدء موسم حصاد الرطب والتمور: هل يمكن لمرضى السكري تضمين التمر في نظامهم الغذائي؟
ويعود سبب تكرار هذا السؤال إلى النصيحة الطبية التقليدية التي تحث مرضى السكري على “تجنب” أو “الامتناع” عن تناول التمر أو الرطب، حيث يُعتقد أن استهلاكها سيؤدي حتماً إلى اضطرابات في مستويات سكر الدم.
بعض التمرات كوجبة خفيفة
التمرة أو الرطبة ليست مجرد حلوى غنية بالسكريات، بل هي ثمرة تتكون من عدة أجزاء وتخضع لمراحل نضج مختلفة. تحتوي التمرة على مزيج من الألياف والسكريات والمعادن والفيتامينات، بالإضافة إلى المواد المضادة للأكسدة ومجموعة من المركبات الكيميائية المفيدة، فضلاً عن الماء. والسكريات الموجودة في التمرة ليست مقتصرة على الغلوكوز فقط، بل تشمل أنواعاً أخرى من السكريات التي تتبع مسارات مختلفة في عملية الهضم والامتصاص، وكذلك في كيفية استجابة الخلايا لها واستخدامها لإنتاج الطاقة.
أصبح التمر اليوم يُعتبر “فاكهة عالمية” بدلاً من أن يكون مجرد “فاكهة محلية”، مما يستدعي من الباحثين في المجال الطبي إجراء المزيد من الدراسات حول مكوناته وفوائده الصحية، بالإضافة إلى كيفية الاستفادة منها واختيار الأنواع المناسبة دون التأثير سلباً على مستويات سكر الدم لدى مرضى السكري.
لذا، يمكن أن يكون تناول “بضع تمرات” على مدار اليوم بمثابة “وجبة خفيفة” آمنة ومناسبة للأشخاص المصابين بالسكري. مع الاعتدال في استهلاك هذه التمرات أو الرطبات، واتباع بعض الإرشادات التي سيتم توضيحها لاحقاً، من غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع ملحوظ في مستويات السكر في الدم أو إلى أي اضطرابات في إدارة حالات مرض السكري.
السكريات والمُحلّيات الطبيعية
إليك تسع نقاط متسلسلة تتعلق بتناول مريض السكري للتمر أو الرطب:
1. أنواع السكريات والمُحلّيات الطبيعية… توجد “سكريات طبيعية” في مجموعة متنوعة من المنتجات الغذائية الطبيعية، مثل العسل والتمر والفواكه بشكل عام. تمتزج هذه السكريات مع مجموعة من العناصر الغذائية الصحية المفيدة، مثل الألياف والفيتامينات ومضادات الأكسدة، بالإضافة إلى مركبات مضادة للميكروبات والمعادن مثل الحديد والزنك والكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم.
في المقابل، توجد “مُحَلّيات طبيعية” مثل السكر الأبيض أو السكر البني المستخرج من القصب أو الشمندر، والتي تُعرف بـ “السكر المُضاف”. تكمن المشكلة الصحية الحالية في الآثار السلبية الناتجة عن استهلاك كميات كبيرة من هذا السكر المُضاف، الذي يفتقر إلى أي فوائد غذائية بسبب غيابه عن العناصر الغذائية الصحية. تتفاقم هذه المشكلة أيضًا بسبب انخفاض استهلاك الفواكه الطبيعية التي تحتوي على السكريات الطبيعية، والتي تأتي مع عناصر غذائية مفيدة مثل العسل أو التمر أو الفواكه الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، يعاني بعض مرضى السكري من عدم تقليلهم لاستهلاك السكر الأبيض أو مصادر الكربوهيدرات الأخرى مثل الخبز والمعجنات والأرز والمعكرونة، حتى عند زيادة تناولهم للفواكه الطبيعية مثل التمر.
2. تأثير تناول السكر… بالنسبة للأشخاص المصابين بمرض السكري، تعتبر الخيارات الغذائية عاملاً أساسياً في الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن الحدود المستهدفة علاجياً. لذلك، فإن التحكم في استهلاك “السكريات الطبيعية” و”المُحلّيات الطبيعية” يعد أمراً بالغ الأهمية في إدارة حالة المرضى الذين يعانون من السكري.
في المقابل، لا يرتبط تناول “السكريات والمُحلّيات الطبيعية” بشكل “مباشر” بزيادة خطر إصابة الأفراد الأصحاء (الذين لا يعانون من مرض السكري) بهذا المرض. ولا توجد أدلة علمية أو إكلينيكية تثبت أن تناول السكر يؤدي “مباشرة” إلى الإصابة بمرض السكري. وفقًا لـ “جمعية السكري البريطانية”، فإنها تشير إلى أن السكر لا يسبب مرض السكري من النوع 2 بشكل مباشر، ولكن هناك زيادة في خطر الإصابة به إذا كنت تعاني من زيادة الوزن، حيث أن تناول الأطعمة والمشروبات السكرية، التي تحتوي على سعرات حرارية عالية، قد يؤدي إلى زيادة الوزن. من جانبها، توضح “جمعية القلب الأميركية” أن السكريات المضافة لا توفر أي مواد مغذية مفيدة للجسم، وغالبًا ما تحتوي على سعرات حرارية إضافية قد تسهم في زيادة الوزن أو السمنة. وتوصي الجمعية بضرورة تقليل السكريات المضافة بحيث لا تتجاوز 6% من السعرات الحرارية اليومية، مما يعني حوالي 6 ملاعق صغيرة للنساء و9 ملاعق صغيرة للرجال.
التمر ومرضى السكري
3. الاعتدال في تناول التمر.. يُعتبر التمر من الأطعمة الغنية بالسكر الطبيعي، مما يجعله يؤثر بشكل ملحوظ على مستويات السكر في الدم. ومع ذلك، يحتوي التمر أيضاً على مجموعة من العناصر الغذائية الأساسية والألياف التي يمكن أن تساعد في تقليل بعض الآثار السلبية الناتجة عن تناوله. من الضروري فهم كيفية تأثير التمر على مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري، وكيفية دمجه في نظام غذائي مناسب.
هذا الأمر مهم جداً للأشخاص الذين يرغبون في الاستمتاع بتناول هذه الفاكهة دون التأثير سلباً على صحتهم. لذا، عند السؤال: هل يمكن لمرضى السكري تناول التمر؟ فإن الإجابة هي: نعم، يمكنهم ذلك، وهو مفيد لهم، ولكن يجب أن يكون ذلك باعتدال. يجب على مرضى السكري مراقبة كميات التمر التي يتناولونها، ودمجه في نظام غذائي متوازن بناءً على نصائح مقدمي الرعاية الصحية.
4. استشارة أخصائي التغذية… قبل أن يقوم مرضى السكري بإجراء أي تغييرات كبيرة في نظامهم الغذائي، مثل زيادة تناول التمر، من المهم استشارة مقدم الرعاية الصحية أو أخصائي التغذية المعتمد. يمكن لهؤلاء المتخصصين تقديم إرشادات وتوصيات مخصصة بناءً على الاحتياجات والأهداف العلاجية لكل مريض، بالإضافة إلى مدى السيطرة على حالة السكري لديهم ومدى تأثير المضاعفات على الأعضاء المستهدفة، مثل القلب والكلى والأعصاب وشبكية العين. يجب على مرضى السكري أن يكونوا واعين لكمية الكربوهيدرات التي يستهلكونها طوال اليوم، وبناءً على ذلك يمكنهم اتخاذ خيارات مدروسة تتيح لهم الاستمتاع بالتمر وإضافته إلى نظامهم الغذائي. من الضروري أيضاً مراقبة مستويات السكر في الدم بانتظام، مما يساعدهم على إجراء التعديلات اللازمة في نظامهم الغذائي وأدويتهم حسب الحاجة.
تناول الطعام بوعي
5. التناول بوعي ذهني… يُعتبر “تناول الطعام بوعي” (Mindful Eating) أمرًا مهمًا، خاصة لمرضى السكري. ينبغي عليهم ممارسة هذه العادة، خصوصًا عند تناول التمور. بدلاً من تناول كمية كبيرة دفعة واحدة، يُفضل تناول التمور بكميات محدودة، مما يساعد على تجنب ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل مفرط، ويعزز من التحكم في نسبة السكر بشكل أفضل.
لذا، عندما يُخبر الطبيب مريض السكري بأنه يمكنه تناول التمر، فإن هذه الرسالة لا تعني السماح له بتناول كميات غير محدودة. بل هي موجهة لمريض السكري الذي يسعى لضبط مستويات سكر الدم، ولكنه في الوقت نفسه يرغب في تناول “بضع” تمرات يوميًا. يجب أن يتم ذلك مع الحرص على الاعتدال في الكمية، مع مراعاة تناول أطعمة أخرى تحتوي على الكربوهيدرات. كما ينبغي الانتباه إلى توقيت تناول التمر، ومدى امتلاء المعدة بالطعام أو خلوها منه.
6. توزيع استهلاك التمر… تعتبر الحصة الغذائية المثالية من التمر حوالي 2 إلى 4 حبات، وذلك يعتمد على الحجم والنوع. من المهم لمرضى السكري الانتباه إلى حجم الحصص وتجنب تناول كميات كبيرة من التمر دفعة واحدة، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع سريع في مستويات السكر في الدم. بدلاً من تناول التمر في جلسة واحدة وعلى معدة فارغة في الصباح قبل الإفطار، يُفضل توزيع استهلاكه على مدار اليوم. هذا سيساعد بالتأكيد في تجنب الارتفاع المفاجئ في مستويات السكر في الدم، مما يسهل التحكم في نسبة السكر بشكل أفضل. كما أن تناول التمر مع أطعمة غنية بالألياف، مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، يمكن أن يساهم في إبطاء امتصاص السكريات، مما يعزز التحكم في مستويات السكر في الدم. بالإضافة إلى ذلك، يوفر هذا المزيج عناصر غذائية إضافية ويساهم في تعزيز الصحة العامة.
7. إضافات تعيق امتصاص السكريات… يُعتبر تناول التمر مع إضافات تُبطئ أو تُعيق امتصاص السكريات أمرًا مهمًا. لذا، يُنصح مرضى السكري وغيرهم بتناول الكربوهيدرات المعقدة الغنية بالألياف، مثل الحبوب الكاملة في الخبز الأسمر أو الشوفان، حيث أن ارتفاع مستوى السكر في الدم نتيجة تناولها يكون أبطأ، مما يقلل من حدوث ارتفاعات سريعة وعالية في مستوى السكر. لذلك، يمكن مزج التمر مع قليل من المكسرات (مثل التمر المحشو باللوز)، أو مع قليل من السمسم (مثل حبوب السمسم أو طحينة السمسم)، أو مع قليل من اللبن (مثل لبن الزبادي أو الأقط)، أو مع كمية ضئيلة من الدهون مثل الزبدة أو السمن، مع إضافة طحين الحبوب الكاملة كما في الحيسة أو الحنيني. هذا يساعد على إبطاء إفراغ المعدة من الطعام، مما يؤدي إلى تأخير وصول سكريات التمر إلى الأمعاء، وبالتالي بطء ارتفاع مستوى السكر في الدم نتيجة تناول التمر. ومن المهم أيضًا حساب كميات السعرات الحرارية في تلك الإضافات الدهنية.
أنواع التمور
تختلف التمور في كمياتها من السكريات، وهذا أمر معروف. فبينما تتباين أحجام التمور، فإن محتواها من السكريات قد يختلف أيضاً. تشير بعض الدراسات إلى أن الأنواع المختلفة من التمور، بغض النظر عن حجمها، تحتوي على كميات متفاوتة من السكريات. ومع ذلك، لا يعني هذا أن تناول التمر يجب أن يتم دون استشارة مختص في التغذية، حيث إن الإفراط في تناوله قد يؤدي إلى اضطرابات في مستويات السكر في الدم.
كما أظهرت دراسات أخرى أن النوع الواحد من التمر، الذي يحمل اسمًا معينًا، يمكن أن يختلف في محتواه من السكريات حسب المنطقة الجغرافية التي يُزرع فيها. لذا، من المهم مراجعة نتائج التحاليل المعتمدة حول محتوى السكريات في التمور من مناطق مختلفة. بناءً على ذلك، يمكن للأفراد اختيار كميات معتدلة من الأنواع التي يفضلونها، وهو أمر يجب أن يضعه مرضى السكري في اعتبارهم بعناية، كما ينبغي على الأصحاء أيضاً الانتباه لذلك.
9. ألياف التمور… تختلف أنواع التمور في كمية الألياف التي تحتويها، وهو أمر بالغ الأهمية لمرضى السكري. بالإضافة إلى دور الألياف في الحفاظ على حركة الأمعاء الطبيعية وصحة الجهاز الهضمي، وتسهيل عملية الإخراج، فإن لها تأثيراً في تقليل امتصاص الكوليسترول، وإطالة فترة الشعور بالشبع، والمساهمة في خفض الوزن. كما أن الألياف تلعب دوراً مهماً في تنظيم مستويات سكر الدم.
للتوضيح، فإن تناول السكريات القابلة للامتصاص بسرعة يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في مستويات سكر الغلوكوز في الدم، مما يشكل خطراً على مرضى السكري. هنا تأتي أهمية الألياف الغذائية المضافة إلى الأطعمة السكرية، حيث تساعد في الوقاية من هذا الارتفاع السريع، وتحمي البنكرياس من الإرهاق، إذ تعمل الألياف على إبطاء امتصاص السكريات في الأمعاء، مما يمنع الزيادة المفاجئة في سكر الدم. لذلك، يُعتبر اختيار أنواع التمر أو الرطب الغني بالألياف خطوة ذكية جداً لمريض السكري، ويمكنه البحث عن الأنواع الغنية بالألياف المتاحة في منطقته.