أثار حديث “سحر” مؤمن زكريا، لاعب النادي الأهلي السابق الذي يعاني من مرض نادر، اهتمام المصريين خلال الساعات الأخيرة. حيث تداولت وسائل الإعلام المصرية مزاعم تتهم نجم منتخب مصر السابق، مجدي عبد الغني، بأنه وراء “عمل السحر” الذي تعرض له زكريا.
وقد تصدر اسم مؤمن زكريا قائمة الأكثر بحثاً على موقع “غوغل” في مصر صباح الأحد.
ورغم أن بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي صدقوا هذه الرواية نظراً لطبيعة مرض مؤمن زكريا، إلا أن آخرين اعتبروا الأمر نوعاً من “التفكير الخرافي الذي يتعارض مع العقل ولا يتماشى مع روح الأديان”، كما عبروا عن ذلك.
استدعت السلطات الأمنية الشخص الذي أثار هذا الجدل، وهو يعمل “تُربياً” – أحد العاملين في مجال دفن الموتى في المقابر – للاستماع إلى أقواله، بعد أن نشر مقطع فيديو تم تداوله بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، يدعي فيه أنه اكتشف “عملاً سفلياً” موجهًا ضد مؤمن زكريا.
أفاد “التربي” بأنه اكتشف “السحر” أثناء سقيه لأحد نباتات الصبار في مقبرة تعود لعائلة نجم كرة القدم ولاعب النادي الأهلي ومنتخب “الفراعنة” السابق، مجدي عبد الغني. وأوضح أنه عثر على ثلاثة أكياس مدفونة تحت الأرض تحتوي على صورة لمؤمن مع دمية ورقية، بالإضافة إلى طلاسم وأرقام غامضة. هذا الاكتشاف أثار جدلاً واسعاً حول حقيقته، خاصةً في ظل إصابة اللاعب، المعروف بموهبته الكبيرة، بمرض مفاجئ عجز الأطباء عن علاجه قبل عدة سنوات.
في المقابل، نفى مجدي عبد الغني المعروف بلقب «البلدوزر» أي علاقة له بالحادثة، مؤكداً أنه لم يزر المقبرة الواقعة في حي (البساتين) بالقاهرة منذ عام 1984، حيث قام بشراء مقبرة جديدة لعائلته ودفن والدته فيها. وأشار في تصريحات تلفزيونية إلى أنه لا يفهم في أمور السحر ولا يؤمن بها، موضحاً أن الضجة المثارة حول هذا الموضوع هي مجرد محاولة للبحث عن الشهرة، وهو ما سيقابله بمقاضاة مروجي هذه الشائعات، حسب قوله.
من جانبه، اعتبر الناقد الرياضي أيمن بدرة أن الاتهام الموجه لمجدي عبد الغني هو «نوع من السعي وراء الشهرة وإثارة الجدل»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه لا يدافع عن شخص معين، بل يتساءل لماذا لم يتوجه صاحب الواقعة إلى الجهات المختصة مباشرة إذا كان لديه أدلة موثوقة بالفعل، بدلاً من البحث عن الظهور.
قال بدرة: “يجب تشديد العقوبات على التشهير بالشخصيات العامة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة”.
وكان اللاعب مؤمن زكريا في أوج تألقه وعطائه سواء مع النادي الأهلي أو منتخب مصر عندما بدأ في عام 2019 يعاني من آلام غامضة وشعور عام بالتعب، مما جعله غير قادر على أداء التدريبات كما اعتاد. وكانت الصدمة الكبرى عندما أخبره الأطباء بأنه مصاب بمرض نادر يصيب واحداً من كل مليوني شخص على مستوى العالم، وهو مرض “التصلب الجانبي الضموري”، الذي يؤدي إلى شلل في عضلات الجسم، ولا يوجد له علاج نهائي، بل يتم استخدام عقاقير للحد من التدهور.
ورغم الضجة المثارة حول حالته، إلا أن مؤمن زكريا اختار الصمت تجاه هذه الاتهامات.
اعتبر د. سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة المصرية اليابانية، أن “سيطرة مفاهيم السحر والشعوذة على تفكير فئة واسعة من المجتمعات العربية تعود أساساً إلى انتشار ثقافة الجهل والتفكير الخرافي، بالإضافة إلى عدم الإيمان الحقيقي بالعلم”. وأشار إلى أن “انخراط بعض المشاهير وأصحاب الشهادات العليا في هذا النوع من التفكير الخرافي يعود إلى رفضهم استخدام العقل، وتمسكهم بتقاليد ومبادئ خاطئة نشأوا عليها”.
وقد تكررت ظواهر السحر والشعوذة في مجال كرة القدم، مثل ذبح الحيوانات ورش الملعب بدمائها، وصنع الأحجبة والتمائم وتعليقها على شباك ومرمى الخصم، فضلاً عن قراءة تعاويذ معينة على المياه قبل رشها على الفريق المنافس بهدف تعطيل قدراته وتحقيق الفوز عليه.
أشار الدكتور صادق إلى أن “مسألة السحر والشعوذة تُستخدم كثيراً في مجالات تتسم بالمنافسة الشديدة، مثل الرياضة، كوسيلة للتغطية على الإخفاقات، حيث يتم إلقاء اللوم على قوى خفية كنوع من التهرب من تحمل المسؤولية أمام الجمهور”. واعتبر أن هذا الاعتقاد، الذي ينتشر بين بعض الرياضيين، يعيقهم عن التركيز على الجوانب الموضوعية للمنافسة.
كما أوضح أن “هناك فرقاً أساسياً بين التعلم والاستنارة، فقد نجد شخصاً يحمل شهادة عليا أو حقق شهرة كبيرة في مجاله، لكنه قد يكون مستعداً للتخلي عن عقله والتمسك بالخرافات، لأنه يفتقر إلى الاستنارة ولا يؤمن بالعلم أو العقلانية في تحليل الأمور”.
من أبرز الحوادث التي تناولت استخدام السحر في كرة القدم بمصر، كانت واقعة اتهام رئيس نادي الزمالك السابق، مرتضى منصور، بعض اللاعبين باستخدام السحر بعد تعادل فريقه السلبي مع الإنتاج الحربي في عام 2019. حيث صرح قائلاً: “الشبكة مقفلة بالسحر”، مشيراً إلى أن “الكرة ترفض الدخول رغم أن المرمى كان مفتوحاً”. وفي عام 2014، اتهم منصور أيضاً حارس المرمى الشهير عصام الحضري بامتلاكه “قوى سحرية تمنع الكرة من دخول مرماه”، كما اتهم النادي الأهلي بالفوز في مباراة القمة عام 2015 باستخدام “السحر والشعوذة”.
أما الراحل سيد متولي، رئيس النادي المصري، فقد أرجع تراجع نتائج فريقه في عام 2008 إلى “السحر الأسود”، موضحاً أن “لاعبيه يتعرضون لقوى خارقة تؤدي إلى إهدار الفرص”.
احتفل مؤمن زكريا بعيد ميلاده السادس والثلاثين في أبريل الماضي. بدأ مسيرته الكروية في قطاع الناشئين بالنادي الأهلي عام 2004، حيث قضى هناك خمس سنوات. لم يتم تصعيده إلى الفريق الأول خلال فترة حسام البدري في موسم 2009-2010، مما دفعه للانضمام إلى الإنتاج الحربي، ثم انتقل إلى المصري البورسعيدي في يناير 2011. بعد ذلك، انتقل إلى إنبي، قبل أن ينضم إلى الزمالك على سبيل الإعارة في عام 2013، حيث لعب لمدة عام ونصف. وفي النهاية، عاد إلى النادي الأهلي، حيث شارك في 150 مباراة وسجل 42 هدفاً.
