منوعات

أول متحف فني للذكاء الاصطناعي في العالم يثير التحدي في العقول.

يستعد مؤسسو “استوديو رفيق أناضول” لافتتاح متحف فني غامر مخصص للذكاء الاصطناعي في وسط مدينة لوس أنجليس في عام 2025.

أول متحف من نوعه في العالم
يُعتبر متحف “داتالاند” الأول من نوعه عالميًا الذي يركز على فن الذكاء الاصطناعي، ويقع في “غراند إل إيه”، وهو مبنى صممه المعماري فرانك جيري في قلب لوس أنجليس.

تأسس المتحف على يد رفيق أناضول وإفسون أركيليك، ويهدف إلى أن يكون فضاءً يجمع بين الخيال البشري وإبداع الآلة.

أخبرني أناضول في إحدى المرات أنه لا يعتبر الذكاء الاصطناعي فناناً، بل يراه وسيلة لتطبيق نوع جديد من “الصبغة” الفنية المستندة إلى بياناته. ووفقاً للبيان الصحفي الخاص بالاستوديو، يهدف المشروع إلى إعادة تشكيل طريقة تفاعلنا مع الفن والتكنولوجيا والطبيعة، مما يفتح آفاقاً جديدة في عالم التعبير الفني.

لقد قضى أناضول سنوات في استكشاف حدود الإمكانيات الإبداعية للذكاء الاصطناعي. ويشتهر باستخدامه للبيانات الواقعية – بدءاً من الظروف الجوية والضوضاء وصولاً إلى أرشيفات الصور في متحف الفن الحديث – حيث يستفيد من هذه المعلومات كصبغة، ويستخدم الشبكات العصبية كفرشاة.

يُعتبر أناضول رائداً في مجال التقاطع بين الفن والتكنولوجيا، ويمثل متحف “داتالاند” الخطوة التالية في هذه الرحلة، حيث يعمل كمساحة دائمة للفن الناتج عن الذكاء الاصطناعي، تماماً كما توجد متاحف مخصصة للرسم أو النحت.

اختار لوس أنجليس لإنشاء هذه المساحة، حيث كانت المدينة تثير اهتمامه منذ صغره. بدأت مسيرته المهنية هناك من خلال استكشافات مبكرة على جهاز Commodore 64، ثم انتقل للعمل في «غوغل» في وادي السيليكون.

يتميز مشروع “داتالاند” بكونه مختلفاً عن المعارض المؤقتة لفن الذكاء الاصطناعي التي ظهرت في العديد من المعارض والمؤسسات حول العالم، مثل العمل الأخير لأناضول في متحف الفن الحديث المعروف باسم “Unsupervised”. يتكون هذا العمل من شاشة رقمية ضخمة بحجم 24 × 24 قدماً، تملأ بهو المتحف.

يبدو أن تركيب الشاشة ينبض بالحياة، حيث يولد أشكالاً جديدة ويتطور استناداً إلى مدخلات في الوقت الحقيقي، مثل حركة الزوار وظروف الطقس في مانهاتن. يصف أناضول هذا العمل بأنه إبداع حي يتنفس، قائلاً: “إنه كأنه كيان مستقل”. وعند إطلاقه، أشار إلى أن نموذج “Unsupervised” تم تدريبه على 380,000 صورة عالية الدقة، بما في ذلك أعمال بيكاسو وفنانين بارزين آخرين.

على مدى ستة أشهر، عمل فريق أناضول بالتعاون مع مهندسي شركة “نيفيديا” على تزويد النموذج ببيانات متنوعة، مما أدى إلى إنتاج تجربة بصرية تتغير باستمرار.

ويشير أناضول إلى أنه “عندما يتأمل الخبراء هذا الأرشيف الفني الذي يمتد على مدار 200 عام، ويرون كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخلق عوالم جديدة استنادًا إليه، فإنهم يشعرون بالدهشة”.

يتخيل المتحف كنظام بيئي رقمي، حيث تتداخل البيانات والذكاء الاصطناعي والإبداع البشري بشكل واسع. ويشير أناضول إلى أن “داتالاند” تلتزم بالشفافية والمسؤولية في استخدام بيانات الطبيعة وتقنيات الذكاء الاصطناعي. ويضيف: “تسعى (داتالاند) أيضاً إلى تشكيل لجنة أخلاقية لتقديم المشورة بشأن القضايا المهمة، مثل حوكمة الذكاء الاصطناعي، والمسؤولية البيئية، والاعتبارات الأخلاقية المتعلقة بجمع البيانات”.

يعتمد “نموذج الطبيعة الكبير” (LNM) – وهو نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر يتم تطويره بالتعاون مع الأمم المتحدة ليكون أول معرض للمتحف – على مبادئ أخلاقية صارمة. يتضمن هذا النموذج جمع البيانات من الغابات المطيرة والأنهار الجليدية وغيرها من النظم البيئية، مما يغذي الذكاء الاصطناعي ويخلق تجربة وسائط متعددة مدهشة تربط المشاهدين بالعالم الطبيعي.

ويشير أناضول إلى أنهم “يستخدمون الحوسبة المعتمدة على الطاقة المتجددة لتقليل بصمتهم الكربونية”، حيث يتم تنفيذ عمليات جمع البيانات بشكل مسؤول من خلال الحصول على الأذونات اللازمة، مما يضمن أن فنهم المدفوع بالذكاء الاصطناعي يتماشى مع القيم التي تكرم الطبيعة والإبداع البشري.

ويشير إلى أن “رؤيتنا لنموذج الطبيعة الكبير تتجاوز كونه مجرد مستودع أو مشروع بحثي مبتكر. إنه أداة للرؤية والتعليم والدعوة للحفاظ على البيئة المشتركة للإنسانية”. ويضيف أنه سيكون متاحاً للجمهور كوسيلة تعليمية للطلاب والمعلمين، مما يتيح لهم تجربة الإبداع المعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويمنحهم وسيلة عملية لاستكشاف كيف يمكن للتكنولوجيا أن تكشف عن أبعاد جديدة للطبيعة.

تعاونت أنادول مع عالم الأعصاب آدم غزالي من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو لقياس تأثير فن الذكاء الاصطناعي على العقل والجسم البشري. ويشير غزالي إلى أنه بعد التفاعل الكبير الذي شهدته فعالية Unsupervised، تم التعاون معه لإجراء أبحاث سريرية تهدف إلى قياس التأثير العلمي للذكاء الاصطناعي على نفسية الأفراد. ومن المتوقع أن يفتح هذا البحث، الذي سيتم نشره العام المقبل، آفاقاً جديدة لفهم كيفية تأثير فن الذكاء الاصطناعي على المشاعر والإدراك البشري.

لا زلنا غير متأكدين من الشكل النهائي للمتحف، لكن أناضول أشار إلى أن التصميم المادي سيكون له دور أساسي في تحقيق رؤية “داتالاند”. ويؤكد أنه سيتم تصميمه لدمج العالمين الحقيقي والرقمي بشكل سلس ومبتكر.

يهدف “داتالاند” إلى أن يصبح كوناً حقيقياً يتيح لك الانغماس العميق، حيث يتم إنشاء كل شيء من حولك في الوقت الفعلي، ويتطور باستمرار، ويتفاعل… تماماً كما هو الحال في الكون الحقيقي.

في حديثي مع أناضول، كان دائماً يعبر عن وعيه بالمخاوف المجتمعية الأوسع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، خاصةً تأثيره العاطفي والاقتصادي على مختلف الصناعات. يدرك الضغوط التي قد يسببها الذكاء الاصطناعي، لكنه يبقى متفائلاً بشأن إمكانياته الإبداعية. ويقول: «كما حدث في الماضي، يمكن للفن أن ينقذنا من أسوأ جوانبنا».

كما أن تفاؤله يتأتى أيضاً من كونه مدرساً في قسم فنون الوسائط التصميمية بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس. ويشير أنادول، وهو يتأمل كيف يتبنى المبدعون الشباب الذكاء الاصطناعي كأداة للتغيير الإيجابي، إلى أنه: «أرى تحولاً متفائلاً للغاية في حياة الطلاب».

من الممكن أن تصبح “داتالاند” الاختبار الأبرز والأهم لهذه الأفكار، إذ تقع عند تقاطع الفن والتكنولوجيا، وتدفع حدود الإمكانيات عندما يتعاون البشر مع الآلات.

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons
Translate »