تحديات صحية وحلول مبتكرة للسمنه
تُعتبر السمنة واحدة من أبرز التحديات الصحية في العصر الحالي، حيث تزداد معدلاتها بشكل ملحوظ في مختلف أنحاء العالم، مما ينعكس سلباً على الصحة العامة.
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 650 مليون بالغ من السمنة، وهو ما يمثل حوالي 13% من إجمالي عدد البالغين في العالم. تؤدي السمنة إلى زيادة مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة، مثل داء السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، وبعض أنواع السرطان. علاوة على ذلك، تؤثر السمنة سلباً على جودة الحياة، حيث قد تسبب مشاكل في الحركة والنوم، وتزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب والقلق. لذلك، تبرز أهمية التوعية بمخاطر السمنة وضرورة اتخاذ التدابير الوقائية والعلاجية للحد من انتشارها وتحسين صحة الأفراد والمجتمعات.
معرض الصحة والجمال
أقامت مجموعة مستشفيات المانع، التي تُعتبر أكبر شركة طبية ومزود خدمات رعاية صحية في المنطقة الشرقية، “معرض الصحة والجمال” الأول في مجمع المانع الطبي بفرع الراكة. وقد قدم المعرض معلومات شاملة حول الصحة وأحدث الإجراءات التجميلية، بالإضافة إلى آخر التطورات في مجال العلاجات الجمالية.
وفيما يتعلق بالمعرض، صرح مانع المانع، الرئيس التنفيذي لمجموعة مستشفيات المانع: “نحن سعداء باستضافة أول معرض للصحة والجمال في الراكة. إن تركيزنا على تقديم حلول متطورة لمرضانا ومشاركة المعرفة المستندة إلى الأدلة تحت إشراف خبرائنا يُعتبر خطوة مهمة لتعزيز خدماتنا للمجتمع. إن تنظيم هذا المعرض يعكس التزامنا بتحقيق التميز في مجالات الصحة والرفاهية، ويؤكد حرصنا على تلبية احتياجات مرضانا بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030”.
تحدث الدكتور أسامة الخطيب، كبير استشاريي الغدد والسكري والسمنة في مستشفى المانع بالخبر، إلى «صحتك» حول موضوع السمنة. وقد عرّف السمنة بأنها زيادة في وزن الجسم، والتي يتم قياسها من خلال مؤشر كتلة الجسم (BMI). يُحسب هذا المؤشر عن طريق قسمة الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر. إذا كان المؤشر يتراوح بين 18 و25، فهذا يدل على الوزن المثالي. أما إذا كان بين 25 و27، فهذا يشير إلى زيادة في الوزن، بينما يُعتبر المؤشر الذي يتجاوز 30 سمنة. كما أن السمنة تُقسم إلى ثلاثة أنواع: سمنة بسيطة، حيث يتراوح المؤشر بين 30 و35، وسمنة متوسطة، حيث يتراوح بين 35 و40، وسمنة مَرَضية، عندما يتجاوز المؤشر 45.
وأشار إلى أن مفهوم السمنة أو زيادة الوزن قد شهد تغيرات عبر العصور. قبل 500 عام، كانت السمنة تُعتبر رمزاً للجمال والصحة والثروة. لكن هذا المفهوم قد تبدل في الوقت الحاضر نتيجة للمضاعفات الصحية المرتبطة بالسمنة، التي أصبحت تُعتبر السبب الرئيسي للعديد من الأمراض المعاصرة، مثل أمراض القلب والسكري وأمراض الكلى وارتفاع ضغط الدم. كما أن النساء اللواتي يعانين من السمنة يواجهن زيادة في انتشار الأمراض، بما في ذلك مشاكل الحمل الناتجة عن الاضطرابات في المبايض.
السمنة في أرقام
يشير الدكتور أسامة الخطيب إلى أن أنماط الحياة في الوقت الراهن قد شهدت تغييرات كبيرة، حيث أصبحنا بعيدين عن اتباع الأنظمة الصحية بشكل صحيح. وقد زاد الاعتماد على الوجبات السريعة الغنية بالدهون، بالإضافة إلى قلة النشاط البدني واستخدام السيارات حتى في المسافات القصيرة.
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، لم تعد السمنة مجرد ظاهرة كما كانت قبل أكثر من عقد من الزمن، بل أصبحت تُعتبر مرضاً حقيقياً يؤدي إلى مجموعة من الأمراض الأخرى.
السمنة والأمراض: تُعتبر زيادة الوزن والسمنة من الأسباب الرئيسية للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني (90% من الحالات)، وكذلك لارتفاع ضغط الدم (70-90% من الحالات). كما تزداد نسبة الإصابة بأمراض التنفس (أكثر من 50%) بين الأفراد الذين يعانون من السمنة، وتساهم السمنة في حدوث بعض أنواع السرطان بنسبة تتراوح بين 10-15%.
السمنة في العالم
يشير الدكتور الخطيب إلى دراسة حديثة نشرتها مجلة “لانسيت”، والتي ساهمت فيها منظمة الصحة العالمية، حيث أظهرت أن أكثر من مليار شخص حول العالم كانوا يعانون من السمنة في عام 2022. كما كشفت الدراسة أن معدلات السمنة بين البالغين قد تضاعفت أكثر من مرتين منذ عام 1990، وزادت أربع مرات بين الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و19 سنة.
السمنة في دول الخليج
عند مقارنة نسب السمنة في دول العالم، نجد أن دول الخليج تُعتبر من بين الأكثر تأثراً بالسمنة. وقد أظهرت الدراسات أن الكويت والبحرين تتصدران قائمة الدول من حيث زيادة الوزن والسمنة، تليهما المملكة العربية السعودية ثم الإمارات وعُمان.
وعند النظر إلى السمنة في دول الخليج، نجد أن نسبة زيادة الوزن والسمنة في السعودية قد بلغت 52%، حيث تشكل زيادة الوزن 27%، بينما تتجاوز نسبة السمنة المفرطة 25%.
أشار الدكتور الخطيب إلى دراسة حديثة أخرى تفيد بأن 18% من الأطفال دون سن الخامسة في السعودية يعانون من زيادة الوزن والسمنة. وتُعزى هذه النسبة المرتفعة إلى الاعتقاد الخاطئ لدى الآباء والأمهات بأن سمنة الأطفال تُعتبر ظاهرة صحية.
الوقاية من السمنة
تُعتبر السمنة حالة طبية خطيرة يمكن أن تؤدي إلى العديد من المشكلات الصحية. وللوقاية منها، من الضروري اتباع نمط حياة صحي يتضمن نظامًا غذائيًا متوازنًا ونشاطًا بدنيًا منتظمًا. وفيما يلي أهم خطوات الوقاية:
أولاً: الالتزام بنظام غذائي متوازن، يتضمن ما يلي:
– تقليل السعرات الحرارية بما يتناسب مع مستوى النشاط البدني. توصي منظمة الصحة العالمية بأن يتكون النظام الغذائي من 30-40% من الخضروات والفواكه، و10-15% من النشويات، و20% من البروتينات.
– تناول الأطعمة الغنية بالألياف، حيث تساهم في تعزيز الشعور بالشبع لفترة أطول، مما يساعد على تقليل كمية الطعام المستهلك.
الابتعاد عن الدهون غير الصحية، وخاصة الدهون المتحولة والمشبعة، واستبدالها بزيوت صحية مثل زيت الزيتون، والأفوكادو، والمكسرات.
ثانياً: ممارسة النشاط البدني تشمل:
– التمارين الرياضية المنتظمة: مثل المشي، الجري، والسباحة، التي تساهم في حرق السعرات الحرارية. كما يمكن إنشاء ممشى صحي في الأحياء السكنية.
– تعزيز النشاط اليومي: من خلال القيام بالأعمال المنزلية.
ثالثاً: النوم الجيد: الحصول على قسط كافٍ من النوم عالي الجودة يساعد في تنظيم الهرمونات المسؤولة عن الشهية والوزن. نقص النوم قد يؤدي إلى زيادة الوزن.
أحدث التطورات في علاج السمنة
يشير الدكتور أسامة الخطيب إلى أن الأبحاث الطبية قد حققت تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة في مجال علاج السمنة، ومن أبرز هذه التطورات:
أولاً: العلاجات الدوائية. تم ابتكار أدوية جديدة تهدف إلى تقليل الشهية وزيادة معدل حرق السعرات الحرارية، بالإضافة إلى الوقاية من مضاعفات السكري والسمنة على القلب والكلى. ومن بين هذه الأدوية الحديثة، تلك التي تعمل على محاكاة هرمون (GLP – 1)، الذي يساهم في خفض مستوى السكر في الدم ويبطئ عملية الهضم، مما يساعد الشخص على الشعور بالشبع لفترة أطول.
مرت هذه العقاقير بثلاثة أجيال: الجيل الأول يُعرف باسم «ساكسندا Saxenda»، والجيل الثاني «أوزمبك Ozempic»، بينما الجيل الثالث هو «مُنجارو Mounjaro»، الذي يعتمد على نوعين من الهرمونات (GIP وGLP-1). وقد أثبتت جميع هذه العقاقير فعاليتها في تقليل الوزن بنسبة تصل إلى 20% خلال عام. ومع ذلك، لا يتم صرف أي من هذه العقاقير إلا بعد استشارة الطبيب للتأكد من سلامتها وملاءمتها للحالة الطبية للفرد، بالإضافة إلى التحقق من صحة الغدة الدرقية وعدم وجود أي سرطان أو أمراض أخرى.
ثانياً: التدخلات الجراحية التنظيرية. شهد العقد الماضي تقدمًا ملحوظًا في تقنيات الجراحة التنظيرية التي تستخدم أنبوبًا مرنًا مزودًا بكاميرا، مما يجعلها أقل تدخلاً وأكثر أمانًا للمرضى. ومن بين هذه العمليات، عمليات قص المعدة وتحويل مسار المعدة.
عند المقارنة بين الإبر الحديثة والعمليات الجراحية، نجد أن العمليات تؤدي إلى فقدان الوزن بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 في المائة في البداية، بينما يمكن أن تصل فعالية العقاقير الحديثة في إنقاص الوزن إلى أكثر من 22 في المائة، وفقاً لإحدى الدراسات الحديثة. ومن المزايا الإيجابية للإبر أنها لا تسبب مضاعفات مثل العمليات الجراحية التي قد تؤدي إلى مشاكل عديدة مثل هشاشة العظام ونقص الفيتامينات. على العكس، تساهم الإبر في الوقاية من أمراض القلب والكلى وتحافظ على كثافة العظام.